بعد اجتماعات «أوبك» تصدر تصريحات متناقضة وغامضة عن المسؤولين في المنظمة كلما وجدت هذه الأخيرة نفسها أمام صعوبة ما. وهذا ما حدث في الاجتماع الأخير للمجلس الوزاري للمنظمة في فيينا في 9 و10 أيلول (سبتمبر) الجاري، إذ اكتنف الغموض القرارات، وأصبح من غير الواضح للأسواق ما الذي تبغيه «أوبك»: هل هو اتخاذ خطوات احترازية لوقف أو إبطاء مسلسل تدهور أسعار النفط الخام، ولو عند مئة دولار للبرميل، ومحاولة السيطرة على مسيرة الانخفاض هذه بحيث لا تكون سريعة وقاسية، أم ان الهدف هو تعزيز الانطباع بأن المطلوب هو زيادة الأسعار مرة أخرى إلى مستويات قياسية، أم ان الخلافات بين أعضاء المنظمة منعت إصدار قرار واضح للأسواق؟
أشار بيان المجلس الوزاري الختامي للمنظمة إلى ان دول المنظمة، باستثناء إندونيسيا التي علقت عضويتها في المنظمة والعراق الذي هو خارج نظام الحصص، ستنتج ما مجمله 28.8 مليون برميل يومياً. وذكر رئيس المنظمة وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل ان مستوى التخفيض هو 520 ألف برميل يومياً، لكن لم تتم الإشارة في كلتا الحالين إلى حصة كل دولة. ان غياب هذه التفاصيل المهمة في وضع كهذا لا يمكن ان يعني إلا أمراً واحداً، ألا وهو وجود خلافات أساسية داخل الاجتماع الوزاري المغلق. نود ان نشير إلى ان مستوى مئة دولار لبرميل النفط هو سعر عال بكل المقاييس، وله آثار سلبية، سواء أكان ذلك على الدول المنتجة نفسها، من صعود للتضخم وارتفاع لأكلاف المشاريع الضخمة، أم على الدول الصناعية، التي قد تندفع أكثر إلى تطوير بدائل الطاقة.
ما هي بعض الأمور التي تواجهها منظمة «أوبك» هذه الأيام؟
أولاً، الافتقار إلى رؤية محددة للنطاق السعري الذي تبغيه الدول الأعضاء. وثمة خوف من أن بعض الدول أخذت تستأنس بسعر مئة دولار فما فوق.
ثانياً، محاولة بعض الدول عدم نشر حصصها الإنتاجية، لأنها لا تستطيع الإنتاج بالمستويات التي تعهدت بها سابقاً. وهذا ينطبق خصوصاً على فنزويلا وإيران. ثالثاً، التزام السعودية سياستها المعلنة منذ فترة طويلة والتي تنص على ان الهدف الإنتاجي هو تلبية الطلب على نفطها. بمعنى آخر، ان السعودية، المنتج الأكبر والاهم في منظمة «أوبك»، غير مستعدة للتسبب بنقص مصطنع في الأسواق، بل ان هدفها هو الحفاظ على توازن العرض والطلب العالميين.
ولفت في اجتماع «أوبك» الأخير مستوى المشاركة الروسية. لقد اعتادت موسكو منذ سنوات، كدول منتجة للنفط غير أعضاء في المنظمة، إرسال مراقبين إلى اجتماعات المجلس الوزاري.
لكن في هذا الاجتماع ترأس الوفد الروسي إيغور سيشن، نائب رئيس الوزراء الروسي ورئيس شركة «روزنفت» (إحدى أهم شركات النفط الروسية). والاهم من ذلك ان الوفد قدّم «مسودة مذكرة تفاهم للتعاون مع أوبك»، وصرح بأن «التعاون مع المنظمة هو من أولويات روسيا». وحاول صحافيون ربط موضوع مشاركة سيشن بالصراع الجورجي - الروسي، إلا ان الأمين العام للمنظمة عبدالله البدري صرح لاحقاً بأن هذه الزيارة كان معداً لها قبل اندلاع الصراع، وأنه سيزور موسكو في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل للمشاركة في ندوة نفطية.