السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لجأ تجار المواد الغذائية في السعودية إلى خطوات احترازية للتحوط من خسائر تلحق بهم، جراء تراجعات متوقعة في أسعار المواد الغذائية، في ظل شبح الركود الذي يخيم على الاقتصاديات العالمية الناتجة عن الأزمة المالية.
وقام التجار بخفض كبير لمشترياتهم من الموردين بنسبة 50%، وزادت عن ذلك في سلع أخرى يتوقع أن تسجل تراجعات كبيرة خلال الفترة المقبلة.
مخاوف الخسائرويقول تجار مواد غذائية تحدثوا لـ"الأسواق.نت": إنهم يتخوفون من التعرض لخسائر فادحة مع احتمال تراجع الأسعار خلال الفترة المقبلة، لا سيما بعد انخفاض أسعار السلع الغذائية في مختلف الأسواق العالمية، على خلفية هبوط أسعار النفط، وتفاقم الأزمة المالية التي تشهدها الاقتصاديات العالمية في الوقت الراهن.
وأضافوا أن المخاوف من هبوط الأسعار بصورة مفاجئة وسريعة تشكل العامل الأساسي وراء اتخاذ قرار تخفيض نسبة المشتريات من الشركات الموردة، مشيرين إلى أن الشركات بدأت تتلمس تراجع المشتريات خلال الأسابيع الماضية، والشركات تدرك الأسباب الحقيقة لذلك، الأمر الذي يجعلها تتحفظ كثيرا في الضغط على التجار لمواصلة الطلبات السابقة.
وتوقعوا أن تتراجع أسعار السلع الغذائية المحلية والمستوردة خلال شهر بنحو 20% قبل نهاية العام الحالي، في ظل انخفاض أسعار الشحن العالمية، وتراجع أسعار السلع الأساسية عالميا.
والسعودية هي أكبر سوق للمنتجات الغذائية والمشروبات في الشرق الأوسط، باستثمارات تبلغ 26 مليار دولار (الدولار يساوي 3,75 ريالات).
وتوضح دراسات صادرة من الهيئة العامة للاستثمار ووزارة التخطيط في السعودية أن المملكة تعد سوقا مربحة في السوق الاستهلاكي للأغذية والمشروبات المستوردة، ويقوم المصنعون المحليون بتزويد السوق المتنامي بالمواد والماكينات والمعدات وقطع الغيار والخدمات الفنية، وباستيرادها بما يزيد قيمته عن 10 مليارات دولار من المنتجات الغذائية والمشروبات سنويا.
وأضافت أن السعودية تحتل المرتبة الأولى كأكبر سوق في الشرق الأوسط، وهي بذلك تمثل 65% من إجمالي حجم الاستيراد في المنطقة.
مرحله عصيبهوقال عضو اللجنة التجارية بغرفة جدة الدكتور واصف كابلي وهو تاجر ومستورد في القطاع الغذائي: إن سوق السلع المحلية ستشهد انخفاضا نهاية الشهر الحالي وبداية الشهر المقبل في أسعار العديد من المواد الغذائية، مفسرا عدم تفاعل السوق المحلي بشكل ملحوظ مع تراجع الأسعار العالمية بوجود كميات كبيرة في مستودعات التجار بالأسعار السابقة.
وأضاف لموقعنا أن التاجر يمر بمرحلة عصيبة حاليا، مما أدى إلى زيادة عروضه الترويجية لقلة السيولة لدى المواطنين التي ربما ذهبت جراء الخسائر المتواصلة في سوق الأسهم السعودية، كما قلص مشترياته من الموردين تخوفا من تراجعات كبيرة في الأسعار، خاصة وأن التوقعات تصب في هذا الاتجاه.
وأشار إلى أن انعكاس تراجع الأسعار عالميا في السوق المحلية يحتاج إلى وقت تدريجي لأنه ليس من المعقول أن تنخفض الأسعار مباشرة جراء هبوط الأسعار العالمية، مؤكدا أن السوق المحلي استقبل سلعا غذائية متنوعة بأسعار أقل.
وتوقع أن تشهد أسعار السلع الغذائية انخفاضا يصل إلى 20 % بعد تراجع أسعار السلع الغذائية في البورصات العالمية، مطالبا بضرورة التزام التجار بهوامش ربحية معقولة ومتزنة، والبعد عن المبالغة في تقييم الهامش الربحي، لأن ذلك يؤدي إلى إنعاش سوق السلع الغذائية المحلية، ورفع القوة الشرائية للمستهلكين، وبالتالي الانعكاس الإيجابي على حجم مبيعات التجار.الاكتفاء بالمخزونمن جهته، قال التاجر أحمد الزاهر: إن انخفاض أسعار النفط وتزايد المؤشرات بتراجع أسعار السلع الغذائية المستوردة خلال الفترة المقبلة، أوجد حالة من القلق لدى التجار من الاستمرار في شراء كميات كبيرة بالأسعار الحالية، خصوصا وأن الأشهر المقبلة ستشهد تحولا كبيرا في مستويات الأسعار، وبالتالي سيتعرض التجار لخسائر كبيرة، لا سيما وأن إمكانية البيع بالأسعار المرتفعة مع طرح الشحنات الرخيصة سيكون صعبا إن لم يكن مستحيلا.
وقال لموقعنا: إن السياسة الحالية المتبعة لدى الغالبية العظمى من تجار الجملة تتمحور في الاكتفاء بالمخزون الموجود في المستودعات، من أجل التخلص منه خلال الفترة المقبلة على أمل تعويضه ببضائع جديدة بأسعار منخفضة.
وأشار إلى أن الفترة الحالية لم تسجل مؤشرات تراجع من الشركات الموردة في أسعار السلع الغذائية، وكشف عن رفض بعض التجار شراء كميات كبيرة من الأرز، خاصة وأن الأسعار مرشحة لمزيد من التراجع خلال الأشهر المقبلة، وبالتالي فإن الخيار المفضل لدى العديد من التجار الشراء بكميات محدودة، لتقليل المخاطر المترتبة على انخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة. ترقب وحذر واتفق معه عضو لجنة المواد الغذائية في غرفة الرياض إبراهيم الشنيفي، وقال: إن الصورة القاتمة وغير الواضحة بالنسبة لاتجاهات الأسعار وعدم وجود معلومات دقيقة بشأن الموعد الرسمي لتراجع الأسعار، أوجدت حالة من الترقب والحذر لدى تجار الجملة في الوقت الراهن.
وقال: إن العديد من التجار يسعى جاهدا للتخلص من البضائع المكدسة في المخازن، خصوصا وأن تراجع السعر بصورة مفاجئة وسريعة سيخلق مشكلة حقيقية للتجار، وبالتالي فإن السبيل الوحيد للخروج بأقل الخسائر تصريف المخزون خلال الأسابيع المقبلة من جانب، وتقليل حجم الطلب والاكتفاء بكميات محدودة للغاية من جانب آخر.
وأضاف: إن انخفاض أسعار النفط والتخبط الحاصل في الأسواق العالمية ودخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود، تدفع الأسعار نحو التراجع بشكل متسارع، بخلاف الأشهر الثلاثة الماضية التي كانت الأسعار تسجل ارتفاعا متواصلا، معتبرا أن التضخم المستورد الذي سجلته الأسواق المحلية خلال الفترة الماضية سينعكس رأسا على عقب خلال الأشهر المقبلة، خاصة وأن المملكة تستورد أغلب السلع الغذائية من الأسواق العالمية، وبالتالي فإن التحولات الاقتصادية العالمية ستنعكس بصورة مباشرة على الأسواق المحلية.
ولفت إلى أن أسعار الغذاء في المملكة بدأت تتأثر بالأزمة العالمية، بل إنها انخفضت فعليا كزيوت الأطعمة والمكرونة بما يقارب 10%، وتوقع أن تشهد سوق السلع الغذائية مزيدا من الانخفاض إلى قرابة 20% خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، متأثرة بزيادة العرض مع القلة في الطلب.