السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعتبر خبراء ومحللون اقتصاديون أن قرار مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" أمس تخفيض سعر إعادة الشراء "الريبو" بـ50 نقطة أساس للمرة الأولى منذ 20 شهرا من 5.50% إلى 5% بمثابة خطة إنقاذ "غير معلنة" لسوق الأسهم؛ إلا أنهم حذروا في الوقت ذاته من التضخم الذي قد يعيد موجة الاقتراض واستخدام هذه الأموال لغرض المضاربة.
وذكرت صحيفة "الوطن" في عددها الصادر اليوم الإثنين 13-10-2008 أن لغة الثقة بالنفس طغت على تصريحات مسؤولي الاقتصاد السعوديين؛ حيث توقع وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف استمرار الأداء الجيد للاقتصاد السعودي خلال العام المقبل في ظل قوة القطاع المصرفي والجهود المبذولة لزيادة تحسين بيئة الاستثمار، وإيجاد المزيد من فرص العمل.
سيولة عالية وأكد العساف الذي كان يترأس أمس وفد المملكة في اجتماع اللجنة النقدية والمالية الدولية التابعة لصندوق النقد الدولي متانة وسلامة القطاع المصرفي.
بدوره، قال نائب محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر معلقا على قرار "ساما" واستثمارات المملكة: "إنها في أقل أدوات الاستثمار مخاطر، وذات سيولة عالية جدا ومتاحة في أي وقت"، لافتا إلى أن المؤسسة "تجني الآن ثمار اتباعها سياسة محافظة في تحري أقل الاستثمارات مخاطرة في أوقات سابقة.
إلى ذلك، أكد اقتصاديون أن تطمينات وزير المالية بأن مشروعات التنمية في المملكة لن تتأثر جراء الأزمة العالمية قادت إلى إعادة بعض الثقة المفقودة إلى نفوس المتعاملين في السوق ومن ثم عودة المؤشر أمس إلى اللون الأخضر.
خفضت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" أمس سعر إعادة الشراء "الريبو" بـ50 نقطة أساس للمرة الأولى منذ 20 شهرا إلى 5% من 5.50%، كما قامت ساما أيضا بتخفيض الاحتياطي الإلزامي للبنوك في المملكة إلى 10% من الودائع تحت الطلب من 13% سابقا.
وقال مصرفيون إن "ساما" أرسلت مذكرة إلى أقسام الخزانة في البنوك لإخطارها بالقرار، فيما قال خبراء اقتصاديون إن من شأن هذه الإجراءات تخفيض سعر فائدة الإقراض بين البنوك والتي ارتفعت مؤخرا، كما ستسهم في رفع قدرة المصارف على الإقراض لمشاريع القطاع الخاص في البلاد، وتعزيز السيولة فيها، إضافة إلى تبديد أي مخاوف من شح السيولة في السوق السعودية.
إجراء احترازيوكان نائب محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر قال في تصريحات لقناة العربية أمس: "إنه لا قيود على البنوك السعودية في الاقتراض من "ساما"، كما استبعد أن تكون البنوك السعودية تقترض من خارج النظام المصرفي السعودي، كون السيولة موجودة بالفعل"، موضحا أن البنوك تستطيع أن تقترض 150 مليار ريال من مؤسسة النقد.
وحول استثمارات المملكة ومؤسسة النقد قال الجاسر بلغة واثقة: "إنها في أقل أدوات الاستثمار مخاطر وذات سيولة عالية جدا ومتاحة في أي وقت، والمؤسسة تجني الآن ثمار اتباعها سياسة محافظة في تحرب أقل الاستثمارات مخاطرة في أوقات سابقة".
وفي تعليقه على قرار مؤسسة النقد أمس قال الخبير المصرفي فضل بوعينين: "ستسهم تلك الإجراءات في الحد من أي توقعات سلبية، وتبدد ما ثار حولها من شكوك لا أساس لها أسهمت في زعزعة الثقة".
وزاد "أنها تمثل أيضا إجراء احترازيا إضافيا يدعم السيولة في القطاع المصرفي، ويحول دون ظهور أي بوادر لشحها".
وأضاف "في الآونة الأخيرة أصبح موضوع السيولة من المواضيع الرئيسة في وسائل الإعلام ويطرح دون معرفة بالتفاصيل الدقيقة، والتفاصيل المطمئنة التي أكدتها في أكثر من مناسبة مؤسسة النقد ووزارة المالية".
واعتبر أن ما يؤكد على توافر السيولة في البنوك المحلية أنه لم يتقدم حتى الآن أي مصرف يطلب سيولة إضافية من مؤسسة النقد رغم تعهدها بتلبية أي طلب".
وأكد على أن شح السيولة في المنطقة عموما والسعودية بشكل خاص ليس ناتج عن أزمة ثقة لدى البنوك كما هو في أمريكا والغرب، وإنما ناتج عن مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية للحد من التضخم في فترات سابقة من العام الحالي، ثم عادت البنوك بتخفيض هذه النسب بعض انخفاض حدة ضغوط التضخم.
مكافحة التضخم
وكانت مؤسسة النقد رفعت الوديعة النظامية "الاحتياطي الإلزامي" التي يتوجب على البنوك الاحتفاظ بها لدى مؤسسة النقد 4 مرات في نهاية عام 2007 وبداية عام 2008، وذلك في محاولة من المؤسسة آنذاك لتقليص السيولة في السوق وتحجيم الإقراض من قبل البنوك وذلك لمكافحة التضخم وارتفاع نمو السيولة النقدية.
وقال الخبير الاقتصادي رئيس الإدارة الاستراتيجية بجامعة الملك فهد الدكتور عبد الوهاب القحطاني: إن القرارات الأخيرة لمؤسسة النقد تمثل خطة إنقاذ "غير معلنة"، لأنها ستساعد على زيادة حركة السيولة ودورتها في الاقتصاد. وتوقع انعكاسها السريع على سوق الأسهم وعلى توفر السيولة لقطاع البناء والتشييد.
واتفق مع القحطاني المستشار الاقتصادي إبراهيم العليان بتأكيده أن القرار سيوفر مزيدا من السيولة لدى المصارف المحلية ويشجعها على الإقراض وتقديم مزيد من التسهيلات للمؤسسات والأفراد.
وأضاف العليان "أن قرار الخفض مفيد جدا من الناحية النظرية، ولكنه يحتاج إلى خطوات عملية. واستدرك قائلا: "يجب ألا تتوجه هذه الأموال إلى سوق المال بغرض المضاربة، وجودها يحتاج إلى حزمة تدابير تضمن الاستفادة الكاملة منها بالشكل الصحيح".
وأوضح العليان أن المملكة لم تعان من الأزمة العالمية إلا من خلال سوق الأسهم ولأسباب نفسية وانعدام الثقة وسيطرة كبار المضاربين على توجهات السوق، مبينا أن خسائر سوق الأسهم لا تتعدى تلك التأثيرات النفسية.
وقال العليان: "إن غياب هيئة السوق المال إعلاميا واكتفاء مؤسسة النقد بالتصاريح الصحفية دون خطوات تنفيذية خلال الأيام الماضية لم يكن كافيا لمواجهة تخوف المستثمرين.
وتابع "كان يجب عليهم تقديم المعلومات أولا بأول أسوة ببقية المؤسسات الحكومية العالمية" متوقعا ضخ مزيد من السيولة الاستثمارية في السوق لاقتناص فرص الاستثمار.
من جانبه قال خبير الأسواق المالية محمد الدريمي: إن قرار خفض الاحتياطي يصب في صالح المصارف لتمويل المشاريع الكبرى بعد تردد البنوك الأجنبية في التمويل نتيجة الأزمة العالمية، متوقعا أن يكون الإقراض على المشاريع المحرك الرئيس لنتائج البنوك في الربع الأخير من العام الحالي.
وأضاف الدريمي "السوق قد تنجح في الاستمرار الإيجابي بعد القرارات، وقد يستبق المضاربون أي سيولة تدخل السوق بالشراء.