نصوص الكتاب والسنة في فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه وأقوال العلماء في ذلك
كاتب الموضوع
رسالة
Admin Big Boss
عدد الرسائل : 2011 العمر : 47 الموقع : https://aleraqi.alafdal.net العمل/الترفيه : الرئيس العام لمجموعة منتديات عائلة العراقي المزاج : توكلت علي الله في عملي ورزقي مزاجي : رقم العضوية : رئيس المنتدي تاريخ التسجيل : 07/08/2008
موضوع: نصوص الكتاب والسنة في فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه وأقوال العلماء في ذلك الجمعة مايو 28, 2010 11:07 pm
قال الله تعالى : وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ " ( ) . وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة " ( ) . وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر قال : قال الله عز وجل نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه " ( ) . وعن عبد الله بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك أخبره أنه تقاضى ابن أبي حدرد ديناً له عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سجف حجرته ونادى يا كعب بن مالك يا كعب قال لبيك يا رسول الله فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك قال كعب قد فعلت يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم فاقضه " ( ) . وعن حذيفة رضي الله عنه أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم قالوا أعملت من الخير شيئاً قال كنت آمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجاوزوا عن الموسر قال : قال فتجاوزوا عنه وقال أبو مالك عن ربعي كنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر وتابعه شعبة عن عبد الملك عن ربعي وقال أبو عوانة عن عبد الملك عن ربعي أنظر الموسر وأتجاوز عن المعسر وقال نعيم بن أبي هند عن ربعي فأقبل من الموسر وأتجاوز عن المعسر " ( ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسراً قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه " ( ) وعن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة رضي الله عنه طلب غريماً له فتوارى عنه ثم وجده فقال إني معسر فقال آلله قال آلله قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقـول : " من سره أن ينجيـه الله من كرب يـوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضـع عنه " ( ) . وعن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غلام له معه ضمامة من صحف وعلى أبي اليسر بردة ومعافري وعلى غلامه بردة ومعافري فقال له أبي : " يا عم إني أرى في وجهك سفعة من غضب قال أجل كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال فأتيت أهله فسلمت فقلت ثم هو قالوا لا فخرج علي بن له جفر فقلت له أين أبوك قال سمع صوتك فدخل أريكة أمي فقلت أخرج إلي فقد علمت أين أنت فخرج فقلت ما حملك على أن اختبأت مني قال أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك خشيت والله أن أحدثك فأكذبك وأن أعدك فأخلفك وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت والله معسراً قال قلت آلله قال الله قلت آلله قال الله قلت آلله قال الله قال فأتى بصحيفته فمحاها بيده فقال إن وجدت قضاء فأقضني وإلا أنت في حل فأشهد بصر عيني هاتين ووضع إصبعيه على عينيه وسمع أذني هاتين ووعاه قلبي هذا وأشار إلى مناط قلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله " ( ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة " ( ) . وعن كعب بن مالك أنه كان له على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي مال فلقيه فلزمه حتى ارتفعت أصواتهما فمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ياكعب فأشار بيده كأنه يقول النصف فأخذ نصف ما عليه وترك نصفاً " ( ) . وعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن آخر من يدخل الجنة ويخرج من النار لرجل يقال له ما كنت تعمل من الخير فيقول ما أذكر شيئاً إلا أنني كنت إذا بايعت يسرت عليهم فيقول الله عز وجل : أنا أحق باليسر يسروا بعبدي إلى الجنة فيقال له سل وتمن فيسأل ويتمنى قال أبو هريرة هذا لك ومثله معه وقال أبو سعيد : هذا لك وعشر أمثاله معه " ( ) وعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة قال ثم سمعته يقول من أنظر معسراً فله بكل يوم مثليه صدقة قلت سمعتك يا رسول الله تقول من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة ثم سمعتك تقول من أنظر معسراً فله بكل يوم مثليه صدقة قال له بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حـل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة " ( ) . وعن أبي اليسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يظله الله في ظله فلينظر معسراً أو ليضع له " ( ) . وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسراً أو تصدق عليه أظله الله في ظله يوم القيامة " ( ) . وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أظل الله عبداً في ظله يوم لا ظل إلا ظله أنظر معسراً أو ترك لغارم " " ( ) . وعن اسعد بن زرارة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله فلييسر على معسر أو ليضع عنه" ( ) . وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلاً لزم غريماً له بعشرة دنانير فقال له والله ما عندي قضاء أقضيكه اليوم قال فو الله لا أفارقك حتى تقضي أو تأتي بحميل يحمل عنك قال والله ما عندي قضاء وما أجد أحداً يحمل عني قال فجره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا لازمي واستنظرته شهراً واحداً فأبى حتى أقضيه أو آتيه بحميل فقلت والله ما أجد حميلاً ولا عندي قضاء اليوم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تستنظره إلا شهراً واحداً قال لا قال فأنا أتحمل بها عنك قال : فتحملها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فذهب الرجل فأتى بقدر ما وعده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين أصبت هذا الذهب قال من معدن قال فاذهب فلا حاجة لنا فيها ليس فيها خير قال فقضاها عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " ( ) . وعن ابن عباس رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وهو يقول بيده : " هكذا فأومأ أبو عبد الرحمن بيده إلى الأرض من أنظر معسراً أو وضع له وقاه الله من فيح جهنم ألا إن عمل الجنة حزن بربوة ثلاثاً ألا إن عمل النار سهل بسهوة والسعيد من وقى الفتن وما من جرعة أحب إلي من جرعة غيظ يكظمها عبد ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيماناً " ( ) . وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنظر معسراً إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته" " ( ) . وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أنظر معسراً أو يسر عليه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " ( ) . وعن أبي اليسر قال : أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول : " إن أول الناس يستظل في ظل الله يوم القيامة لرجل ينظر معسراً حتى يجد شيئا أو تصدق عليه بما يطلبه يقـول ما لي عليك صدقة ابتغاء وجه الله ويحرق صحيفته " ( ) . وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف كربته فليفرج عن معسر" ( ) . وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يسمع الله دعوته ويفرج كربته في الدنيا والآخرة فلينظر معسراً وليدع له ومن سره أن يظله الله من فور جهنم يوم القيامة ويجعله في ظله فلا يكونن على المؤمنين غليظاً وليكن بهم رحيماً " ( ) . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال اشهد على حبي صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول يظل الله في ظل عرشه يوم القيامة من أنظر معسراً أو أعان أخرق " ( ) . وعن عبادة بن أبى عبيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن تنفس كربته وأن تستجاب دعوته فلييسر على معسر أو ليدع له فإن الله يحب إغاثة اللهفان " ( ) . وعن ابن سيرين رحمه الله أن رجلاً خاصم رجلاً إلى شريح قال فقضى عليه وأمر بحبسه قال فقال رجل عند شريح إنه معسر والله يقول في كتابه : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة قال فقال شريح : " إنما ذلك في الربا وإن الله قال في كتابه إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ولا يأمرنا الله بشيء ثم يعذبنا عليه " ( ) . وعن الحسن رحمه الله أن الربيع بن خثيم كان له على رجل حق فكان يأتيه ويقوم على بابه ويقــول : " أي فلان إن كنت موسراً فأد وإن كنت معسرا فإلى ميسرة " ( ) . وعن سعيد بن جبير رحمه الله في قول الله : وان تصدقوا خير لكم فهو أعظم لأجره ومن لم يتصدق عليه لم يأثم ومن حبس معسراً في السجن فهو آثم لقوله : فنظرة إلى ميسرة ومن كان عنده ما يستطيع أن يؤدي عن دينه فلم يفعل كتب ظالما " ( ) . وعن قتادة رحمه الله في قوله : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة قال : " فنظرة إلى ميسرة برأس ماله " ( ) . وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة إنما أمر في الربا أن ينظر المعسر وليست النظرة في الأمانة ولكن يؤدي الأمانة إلى أهلها ( ) . وعن الضحاك رحمه الله قال : " من كان ذا عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم قال وكذلك كل دين على مسلم فلا يحل لمسلم له دين على أخيه يعلم منه عسرة أن يسجنه ولا يطلبه حتى ييسره الله عليه وإنما جعل النظرة في الحلال فمن أجل ذلك كانت الديون على ذلك " ( ) . وعن الضحاك في الآية قال : من كان ذا عسرة فنظرة إلى ميسرة وكذلك كل دين على المسلم فلا يحل لمسلم له دين على أخيه يعلم منه عسرة أن يسجنه ولا يطلبه حتى ييسره الله عليه وأن تصدقوا برؤوس أموالكم يعني على المعسر خير لكم من نظرة إلى ميسرة فاختار الله الصدقة على النظارة " ( ) . قال الطبري : " والصواب من القول في قوله : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة أنه معني به غرماء الذين كانوا أسلموا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهم عليهم ديون قد أربوا فيها في الجاهلية فأدركهم الإسلام قبل أن يقبضوها منهم فأمر الله بوضع ما بقي من الربا بعد ما أسلموا وبقبض رؤوس أموالهم ممن كان منهم من غرمائهم موسرا وإنظار من كان منهم معسراً برؤوس أموالهم إلى ميسرتهم فذلك حكم كل من أسلم وله ربا قد أربى على غريم له فإن الإسلام يبطل عن غريمه ما كان له عليه من قبل الربا ويلزمه أداء رأس ماله الذي كان أخذ منه أو لزمه من قبل الإرباء إليه إن كان موسراً وإن كان معسراً كان منظرا برأس مال صاحبه إلى ميسرته وكان الفضل على رأس المال مبطلا عنه غير أن الآية وإن كانت نزلت فيمن ذكرنا وإياهم عنى بها فإن الحكم الذي حكم الله به من إنظاره المعسر برأس مال المربي بعد بطول الربا عنه حكم واجب لكل من كان عليه دين لرجل قد حل عليه وهو بقضائه معسر في أنه منظر إلى ميسرته لأن دين كل ذي دين في مال غريمه وعلى غريمه قضاؤه منه لا في رقبته فإذا عدم ماله فلا سبيل له على رقبته بحبس ولا بيع وذلك أن مال رب الدين لن يخلو من أحد وجوه ثلاثة إما أن يكون في رقبة غريمه أو في ذمته يقضيه من ماله أو في مال له بعينه فإن يكن في مال له بعينه فمتى بطل ذلك المال وعدم فقد بطل دين رب المال وذلك ما لا يقوله أحد ويكون في رقبته فإن يكن كذلك فمتى عدمت نفسه فقد بطل دين رب الدين وإن خلف الغريم وفاء بحقه وأضعاف ذلك وذلك أيضا لا يقوله أحد فقد تبين إذ كان ذلك كذلك أن دين رب المال في ذمة غريمه يقضيه من ماله فإذا عدم ماله فلا سبيل له على رقبته لأنه قد عدم ما كان عليه أن يؤدى منه حق صاحبه لو كان موجوداً وإذا لم يكن على رقبته سبيل لم يكن إلى حبسه بحقه وهو معدوم سبيل لأنه غير مانعه حقاً له إلى قضائه سبيل فيعاقب بظلمه إياه بالحبس " ( ) . قال ابن رجب : قوله صلى الله عليه وسلم : " ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة وهذا أيضا يدل على أن الإعسار قد يحصل في الآخرة وقد وصف الله يوم القيامة بأنه عسير وأنه على الكافرين غير يسير فدل على أن يسره على غيرهم وقال وكان يوما على الكافرين عسيرا الفرقان والتيسير على المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين إما بإنظاره إلى الميسرة وذلك واجب كما قال تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة البقرة وتارة بالوضع عنه إن كان غريماً وإلا فبإعطائه ما يزول به إعساره وكلاهما له فضل عظيم وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان تاجر يداين الناس فإذا رأي معسرا قال لصبيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه وفيهما عن حذيفة وأبي مسعود الأنصاري سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول : مات رجل فقيل له بم غفر الله لك فقال كنت أبايع الناس فأتجاوز عن الموسر وأخفف عن المعسر وفي رواية قال كنت أنظر المعسر وأتجوز في السكة أو قال في النقد فغفر له وخرجه مسلم من حديث أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديثه قال الله نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه وخرج أيضا من حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه وخرج أيضاً من حديث أبي اليسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وفي المسند عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أراد أن تستجاب دعوته أو تكشف كربته فليفرج عن معسر" ( ) . قال الثعالبي : " وقوله سبحانه : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة حكم الله تعالى لأرباب الربا برؤوس أموالهم عند الواجدين للمال ثم حكم في ذي العسر بالنظرة إلى حال اليسر والعسر ضيق الحال من جهة عدم المال والنظرة التأخير ت وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا قال فلقي الله فتجاوز عنه وفي صحيح مسلم من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه وفي رواية من أنظر معسراً أو وضع عنه أنجاه الله من كرب يوم القيامة وفي وراية من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله انتهى والميسرة مصدر بمعنى اليسر وارتفع ذو عسرة بكان التامة التي هي بمعنى وجد وحدث وارتفع قوله فنظرة على خبر ابتداء مقدر تقديره فالواجب نظرة واختلف أهل العلم هل هذا الحكم بالنظرة إلى الميسرة واقف على أهل الربا خاصة وهو قول ابن عباس وشريح أو هو منسحب على كل دين حلال وهو قول جمهور العلماء ع وما قاله ابن عباس إنما يترتب إذا لم يكن فقر مدقع وأما مع الفقر والعدم الصريح فالحكم هي النظرة ضرورة ت ولا يخالف ابن عباس في ذالك وقوله تعالى : وأن تصدقوا خير لكم ندب الله بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعسر وجعل ذلك خيرا من إنظاره قاله جمهور العلماء وروى سعيد ابن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال كان آخر ما نزل من القرآن آية الربا وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفسرها لنا فدعوا الربا والريبة " ( ) . قال الحافظ ابن حجر : " اختلف السلف في تفسير قوله تعالى : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة فروى الطبري وغيره من طريق إبراهيم النخعي ومجاهد وغيرهما أن الآية نزلت في دين الربا خاصة وعن عطاء أنها عامة في دين الربا وغيره واختار الطبري أنها نزلت نصا في دين الربا ويلتحق به سائر الديون لحصول المعنى الجامع بينهما فإذا أعسر المديون وجب إنظاره ولا سبيل إلى ضربه ولا إلى حبسه " ( ) . قال ابن كثير : وقوله : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون يأمر تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء فقال وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة لا كما كان أهل الجاهلية يقول أحدهم لمدينه إذا حل عليه الدين إما ان تقضي وإما أن تربى ثم يندب إلى الوضع عنه ويعد على ذلك الخير والثواب الجزيل فقال : وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون أي وأن تتركوا رأس المال بالكلية وتضعوه عن المدين وقد وردت الأحاديث من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فالحديث الأول عن أبي أمامة أسعد بن زرارة قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن محمد بن شعيب الرجاني حدثنا يحيى بن حكيم المقوم حدثنا محمد بن بكر البرساني حدثنا عبد الله بن أبي زياد حدثني عاصم بن عبيد الله عن أبي أمامة أسعد بن زرارة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن يظله الله يوم لاظل إلا ظله فلييسر على معسر أو ليضع عنه حديث آخر عن بريدة قال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا عبد الوارث حدثنا محمد بن جحادة عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة قال ثم سمعته يقول من أنظر معسرا فله بكل يوم مثلاه صدقة قلت سمعتك يا رسول الله تقول من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة ثم سمعتك تقول من أنظر معسرا فله بكل يوم مثلاه صدقة قال له بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثلاه صدقة حديث آخر عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري قال أحمد : حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا أبو جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظي أن أبا قتادة كان له دين على رجل وكان يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه فقال نعم هو في البيت يأكل خزيرة فناداه فقال يافلان اخرج فقد أخبرت أنك ها هنا فخرج إليه فقال ما يغيبك عني فقال إني معسر وليس عندي شيء قال آلله إنك معسر قال نعم فبكى أبو قتادة ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة ورواه مسلم في صحيحه حديث آخر عن حذيفة بن اليمان قال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا الأخنس أحمد بن عمران حدثنا محمد بن فضيل حدثنا أبو مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الله بعبد من عبيده يوم القيامة قال ماذا عملت لي في الدنيا فقال ما عملت لك يارب مثقال ذرة في الدنيا أرجوك بها قالها ثلاث مرات قال العبد عند آخرها يارب إنك كنت أعطيتني فضل مال وكنت رجلا أبايع الناس وكان من خلقي الجواز فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر قال فيقول الله عز وجل أنا أحق من ييسر ادخل الجنة وقد أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه من طرق عن ربعي بن حراش عن حذيفة زاد مسلم وعقبة بن عامر وأبي مسعود البدري عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ولفظ البخاري حدثنا هشام بن عمار حدثنا يحيى بن حمزة حدثنا الزهري عن عبد الله بن عبد الله أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسراً قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه حديث آخر عن سهل بن حنيف قال الحاكم في مستدركه : حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك حدثنا عمرو بن ثابت حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن سهل بن حنيف أن سهلا حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعان مجاهدا في سبيل الله أو غازيا أو غارما في عسرته أو مكاتبا في رقبته أظله الله في ظله يوم لاظل إلا ظله ثم قال صحيح الاسناد ولم يخرجاه حديث آخر عن عبد الله بن عمر قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبيد عن يوسف بن صهيب عن زيد العمي عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف كربته فليفرج عن معسر انفرد به أحمد حديث آخر عن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا أبو مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة أن رجلا أتى به الله عز وجل فقال ماذا عملت في الدنيا فقال له الرجل ما عملت مثقال ذرة من خير فقال له ثلاثا وقال في الثالثة إني كنت أعطيتني فضلا من المال في الدنيا فكنت أبايع الناس فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر فقال تبارك وتعالى نحن أولى بذلك منك تجاوزوا عن عبدي فغفر له قال أبو مسعود هكذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا رواه مسلم من حديث أبي مالك سعد بن طارق به حديث آخر عن عمران بن حصين قال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر أخبرنا أبو بكر عن الأعمش عن أبي داود عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له على رجل حق فأخره كان له بكل يوم صدقة غريب من هذا الوجه وقد تقدم عن بريدة نحوه حديث آخر عن أبي اليسر كعب بن عمرو قال الإمام أحمد حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي قال حدثنا أبو اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله عز وجل في ظله يوم لاظل إلا ظله وقد أخرجه مسلم في صحيحه : من وجه آخر من حديث عباد بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غلام له معه ضمامة من صحف وعلي أبي اليسر بردة ومعافري وعلى غلامه بردة ومعافري فقال له أبي ياعم إني أرى في وجهك سفعة من غضب قال أجل كان لي على فلان بن فلان الرامي مال فأتيت أهله فسلمت فقلت أثم هو قالوا لا فخرج على بن له جفر فقلت أين أبوك فقال سمع صوتك فدخل أريكة أمي فقلت اخرج إلي فقد علمت أين أنت فخرج فقلت ما حملك على أن أختبات مني قال أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك خشيت والله أن أحدثك فأكذبك أو أعدك فأخلفك وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت والله معسرا قال قلت آلله قال الله قلت الله الله ثم قال فأتى بصحيفته فمحاها بيده ثم قال فإن وجدت قضاء فاقضني وإلا فأنت في حل فأشهد أبصر عيناي هاتان ووضع اصبعيه على عينيه وسمع أذناي هاتان ووعاه قلبي وأشار إلى نياط قلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله وذكر تمام الحديث حديث آخر عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثني أبو يحيى البزاز محمد بن عبد الرحمن حدثنا الحسن بن أسد بن سالم الكوفي حدثنا العباس بن الفضل الأنصاري عن هشام بن زياد القرشي عن أبيه عن محجن مولى عثمان عن عثمان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أظل الله عينا في ظله يوم لاظل إلا ظله من أنظر معسرا أو ترك لغارم حديث آخر عن بن عباس قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا نوح بن جعونة السلمي الخرساني عن مقاتل بن حيان عن عطاء عن بن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وهو يقول بيده هكذا وأومأ أبو عبد الرحمن بيده إلى الأرض من أنظر معسراً أو وضع عنه وقاه الله من فيح جهنم ألا إن عمل الجنة حزن بربوة ثلاثا ألا إن عمل النار سهل بسهوة والسعيد من وقي الفتن وما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيمانا تفرد به أحمد طريق آخر قال الطبراني : حدثنا أحمد بن محمد البوراني قاضي الحديبية من ديار ربيعة حدثنا الحسن بن علي الصدائي حدثنا الحكم بن الجارود حدثنا بن أبي المتئد خال بن عيينة عن أبيه عن عطاء عن بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسراً إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته ثم قال تعالى : يعظ عباده ويذكرهم زوال الدنيا وفناء ما فيها من الأموال وغيرها وإتيان الآخرة والرجوع إليه تعالى ومحاسبته تعالى خلقه على ما عملوا ومجازاته إياهم بما كسبوا من خير وشر ويحذرهم عقوبته فقال واتقوا يوما ترجعـون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " ( ) . قال القرطبي : قوله تعالى : وإن كان ذو عسرة لما حكم جل وعز لأرباب الربا برءوس أموالهم عند الواجدين للمال حكم في ذي العسرة بالنظرة إلى حال الميسرة وذلك أن ثقيفاً لما طلبوا أموالهم التي لهم على بني المغيرة شكوا العسرة يعني بني المغيرة وقالوا ليس لنا شيء وطلبوا الأجل إلى وقت ثمارهم فنزلت هذه الآية وإن كان ذو عسرة الثانية قوله تعالى وإن كان ذو عسرة مع قوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم يدل على ثبوت المطالبة لصاحب الدين على المدين وجواز أخذ ماله بغير رضاه ويدل على أن الغريم متى امتنع من أداء الدين مع الإمكان كان ظالما فإن الله تعالى يقول فلكم رؤوس أموالكم فجعل له المطالبة برأس ماله فإذا كان له حق المطالبة فعلى من عليه الدين لا محالة وجوب قضائه الثالثة قال المهدوي وقال بعض العلماء هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهلية من بيع من أعسر وحكى مكي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به في صدر الإسلام قال بن عطية فإن ثبت فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو نسخ وإلا فليس بنسخ قال الطحاوي كان الحر يباع في الدين أول الإسلام إذا لم يكن له مال يقضيه عن نفسه حتى نسخ الله ذلك فقال جل وعز وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة واحتجوا بحديث رواه الدارقطني من حديث مسلم بن خالد الزنجي أخبرنا زيد بن أسلم عن بن البيلماني عن سرق قال كان لرجل علي مال أو قال دين فذهب بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصب لي مالاً فباعني منه أو باعني له أخرجه البزار بهذا الإسناد أطول منه ومسلم بن خالد الزنجي وعبد الرحمن بن البيلماني لا يحتج بهما وقال جماعة من أهل العلم قوله تعالى فنظرة إلى ميسرة عامة في جميع الناس فكل من أعسر أنظر وهذا قول أبي هريرة والحسن وعامة الفقهاء قال النحاس وأحسن ما قيل في هذه الآية قول عطاء والضحاك والربيع بن خيثم قال هي لكل معسر ينظر في الربا والدين كله فهذا قول يجمع الأقوال لأنه يجوز أن تكون ناسخة عامة نزلت في الربا ثم صار حكم غيره كحكمه ولأن القراءة بالرفع بمعنى وإن وقع ذو عسرة من الناس أجمعين ولو كان في الربا خاصة لكان النصب الوجه بمعنى وإن كان الذي عليه الربا ذا عسرة وقال ابن عباس وشريح ذلك في الربا خاصة فأما الديون وسائر المعاملات فليس فيها نظرة بل يؤدي إلى أهلها أو يحبس فيه حتى يوفيه وهو قول إبراهيم واحتجوا بقول الله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها الآية قال بن عطية فكان هذا القول يترتب إذا لم يكن فقر مدقع وأما مع العدم والفقر الصريح فالحكم هو النظرة ضرورة الرابعة من كثرت ديونه وطلب غرماؤه مالهم فللحاكم أن يخلعه عن كل ماله ويترك له ما كان من ضرورته روى بن نافع عن مالك أنه لا يترك له إلا ما يواريه والمشهور أنه يترك له كسوته المعتادة ما لم يكن فيها فضل ولا ينزع منه رداؤه إن إن كان ذلك مزريا به وفي ترك كسوة زوجته وفي بيع كتبه إن كان عالما خلاف ولا يترك له مسكن ولا خادم ولا ثوب جمعة ما لم تقل قيمتها وعند هذا يحرم حبسه والأصل في هذا قوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة روى الأئمة واللفظ لمسلم عن أبي سعيد الخدري قال أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار إبتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك وفي مصنف أبي داؤد فلم يزد رسول الله صلى الله عليه وسلم غرماءه على أن خلع لهم ماله وهذا نص فلم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحبس الرجل وهو معاذ بن جبل كما قال شريح ولا بملازمته خلافا لأبي حنيفة فإنه قال يلازم لإمكان أن يظهر له مال ولا يكلف أن يكتسب لما ذكرنا وبالله توفيقنا ، السابعة العسرة ضيق الحال من جهة عدم المال ومنه جيش العسرة والنظرة التأخير والميسرة مصدر بمعنى اليسر وارتفع ذو بكان التامة التي بمعنى وجد وحدث هذا قول سيبويه وأبي علي وغيرهما وأنشد سيبويه فدى لبنى ذهل بن شيبان ناقتي إذا كان يوم ذو كواكب أشهب ويجوز النصب وفي مصحف أبي بن كعب وإن كان ذا عسرة على معنى وإن كان المطلوب ذا عسرة وقرأ الأعمش وإن كان معسرا فنظرة قال أبو عمرو الداني عن أحمد بن موسى وكذلك في مصحف أبي بن كعب قال النحاس ومكي والنقاش وعلى هذا يختص لفظ الآية بأهل الربا وعلى من قرأ ذو فهي عامة في جميع من عليه دين وقد تقدم وحكى المهدوي أن في مصحف عثمان فإن كان بالفاء ذو عسرة وروى المعتمر عن حجاج الوراق قال في مصحف عثمان وإن كان ذا عسرة ذكره النحاس وقراءة الجماعة نظرة بكسر الظاء وقرأ مجاهد وأبو رجاء والحسن فنظرة بسكون الظاء وهي لغة تميمية وهم الذين يقولون في كرم زيد بمعنى كرم زيد ويقولون كبد في كبد وقرأ نافع وحده ميسرة بضم السين والجمهور بفتحها وحكى النحاس عن مجاهد وعطاء فناظرة على الأمر إلى ميسر هي بضم السين وكسر الراء وإثبات الياء في الإدراج وقرئ فناظرة قال أبو حاتم لا يجوز فناظرة إنما ذلك في النمل لأنها إمرأة تكلمت بهذا لنفسها من نظرت تنظر فهي ناظرة وما في البقرة فمن التأخير من قولك أنظرتك بالدين أي أخرتك به ومنه قوله فأنظرني إلى يوم يبعثون وأجاز ذلك أبو إسحاق الزجاج وقال هي من أسماء المصادر كقوله تعالى ليس لوقعتها كاذبة وكقوله تعالى تظن أن يفعل بها فاقرة وك خائنة الأعين وغيره الثامنة قوله تعالى وأن تصدقوا إبتداء وخبره خير ندب الله تعالى بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعسر وجعل ذلك خيرا من إنظاره قاله السدي وبن زيد والضحاك وقال الطبري وقال آخرون معنى الآية وأن تصدقوا على الغني والفقير خير لكم والصحيح الأول وليس في الآية مدخل للغني التاسعة روى أبو جعفر الطحاوي عن بريدة بن الخصيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسراً كان له بكل يوم صدقة ثم قلت بكل يوم مثله صدقة قال فقال بكل يوم صدقة ما لم يحل الدين فإذا أنظره بعد الحل فله بكل يوم مثله صدقة وروى مسلم عن أبي مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسرا فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر قال قال الله عز وجل نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه وروي عن أبي قتادة أنه طلب غريما له فتوارى عنه ثم وجده فقال إني معسر فقال آلله قال ألله قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه وفي حديث أبي اليسر الطويل واسمه كعب بن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله ففي هذه الأحاديث من الترغيب ما هو منصوص فيها وحديث أبي قتادة يدل على أن رب الدين إذا علم عسرة غريمه أو ظنها حرمت عليه مطالبته وإن لم تثبت عسرته عند الحاكم وإنظار المعسر تأخيره إلى أن يوسر والوضع عنه إسقاط الدين عن ذمته وقد جمع المعنيين أبو اليسر لغريمه حيث محا عنه الصحيفة وقال له إن وجدت قضاء فاقض وإلا فأنت في حل " ( ) . قال الرازي : قال الله تعالى : وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وفيه مسألتان : المسألة الأولى قال النحويون كَانَ كلمة تستعمل على وجوه أحدها أن تكون بمنزلة حدث ووقع وذلك في قوله قد كان الأمر أي وجد وحينئذ لا يحتاج إلى خبر والثاني أن يخلع منه معنى الحدث فتبقى الكلمة مجردة للزمان وحينئذ يحتاج إلى الخبر وذلك كقوله كان زيد ذاهباً واعلم أني حين كنت مقيماً بخوارزم وكان هناك جمع من أكابر الأدباء أوردت عليهم إشكالاً في هذا الباب فقلت إنكم تقولون إن كَانَ إذا كانت ناقصة إنها تكون فعلاً وهذا محال لأن الفعل ما دلّ على اقتران حدث بزمان فقولك كَانَ يدل على حصول معنى الكون في الزمان الماضي وإذا أفاد هذا المعنى كانت تامة لا ناقصة فهذا الدليل يقتضي أنها إن كانت فعلاً كانت تامة لا ناقصة وإن لم تكن تامة لم تكن فعلاً ألبتة بل كانت حرفاً وأنتم تنكرون ذلك فبقوا في هذا الإشكال زماناً طويلاً وصنفوا في الجواب عنه كتباً وما أفلحوا فيه ثم انكشف لي فيه سر أذكره هاهنا وهو أن كان لا معنى له إلا حدث ووقع ووجد إلا أن قولك وجد وحدث على قسمين أحدها أن يكون المعنى وجد وحدث الشيء كقولك وجد الجوهر وحدث العرض والثاني أن يكون المعنى وجد وحدث موصوفية الشيء بالشيء فإذا قلت كان زيد عالماً فمعناه حدث في الزمان الماضي موصوفية زيد بالعلم والقسم الأول هو المسمى بكان التامة والقسم الثاني هو المسمى بالناقصة وفي الحقيقة فالمفهوم من كَانَ في الموضعين هو الحدوث والوقوع إلا أن في القسم الأول المراد حدوث الشيء في نفسه فلا جرم كان الاسم الواحد كافياً والمراد في القسم الثاني حدوث موصوفية أحد الأمرين بالآخر فلا جرم لم يكن الاسم الواحد كافياً بل لا بد فيه من ذكر الاسمين حتى يمكنه أن يشير إلى موصوفية أحدهما بالآخر وهذا من لطائف الأبحاث فأما إن قلنا إنه فعل كان دالاً على وقوع المصدر في الزمان الماضي فحينئذ تكون تامة لا ناقصة وإن قلنا إنه ليس بفعل بل حرف فكيف يدخل فيه الماضي والمستقبل والأمر وجميع خواص الأفعال وإذا حمل الأمر على ما قلناه تبين أنه فعل وزال الإشكال بالكلية المفهوم الثالث لكان يكون بمعنى صار وأنشدوا : بتيهاء قفر والمطي كأنها ** قطا الحزن قد كانت فراخاً بيوضها وعندي أن هذا اللفظ هاهنا محمول على ما ذكرناه فإن معنى صار أنه حدث موصوفية الذات بهذه الصفة بعد أنها ما كانت موصوفة بذلك فيكون هنا بمعنى حدث ووقع إلا أنه حدوث مخصوص وهو أنه حدث موصوفية الذات بهذه الصفة بعد أن كان الحاصل موصوفية الذات بصفة أخرى المفهوم الرابع أن تكون زائدة وأنشدوا : سراة بني أبي بكر تسامى ** على كان المسومة الجياد إذا عرفت هذه القاعدة فلنرجع إلى التفسير فنقول في كَانَ في هذه الآية وجهان الأول أنها بمعنى وقع وحدث والمعنى وإن وجد ذو عسرة ونظيره قوله إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً بالرفع على معنى وإن وقعت تجارة حاضرة ومقصود الآية إنما يصح على هذا اللفظ وذلك لأنه لو قيل وإن كان ذا عسرة لكان المعنى وإن كان المشتري ذا عسرة فنظرة فتكون النظرة مقصورة عليه وليس الأمر كذلك لأن المشتري وغيره إذا كان ذا عسرة فله النظرة إلى الميسرة الثاني أنها ناقصة على حذف الخبر تقديره وإن كان ذو عسرة غريماً لكم وقرأ عثمان ذَا عُسْرَةٍ والتقدير إن كان الغريم ذا عسرة وقرئ وَمَن كَانَ ذَا عُسْرَةٍ ، المسألة الثانية العسرة اسم من الأعسار وهو تعذر الموجود من المال يقال أعسر الرجل إذا صار إلى حالة العسرة وهي الحالة التي يتعسر فيها وجود المال ثم قال تعالى : فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وفيه مسائل : المسألة الأولى في الآية حذف والتقدير فالحكم أو فالأمر نظرة أو فالذي تعاملونه نظرة المسألة الثانية نظرة أي تأخير والنظرة الاسم من الأنظار وهو الإمهال تقول بعته الشيء بنظرة وبانظار قال تعالى قَالَ رَبّ أَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ المسألة الثالثة قرىء فَنَظِرَةٌ بسكون الظاء وقرأ عطاء فناظره أي فصاحب الحق أي منتظره أو صاحب نظرته على طريق النسب كقولهم مكان عاشب وبأقل أي ذو عشب وذو بقل وعنه فناظره على الأمر أي فسامحه بالنظرة إلى الميسرة ، المسألة الرابعة الميسرة مفعلة من اليسر واليسار الذي هو ضد الأعسار وهو تيسر الموجود من المال ومنه يقال أيسر الرجل فهو موسر أي صار إلى اليسر فالميسرة واليسر والميسور الغنى ، المسألة الخامسة قرأ نافع إِلَى مَيْسَرَةٍ بضم السين والباقون بفتحها وهما لغتان مشهورتان كالمقبرة والمشرفة والمشربة والمسربة والفتح أشهر اللغتين لأنه جاء في كلامهم كثيراً ، المسألة السادسة اختلفوا في أن حكم الأنظار مختص بالربا أو عام في الكل فقال ابن عباس وشريح والضحاك والسدي وإبراهيم الآية في الربا وذكر عن شريح أنه أمر بحبس أحد الخصمين فقيل إنه معسر فقال شريح إنما ذلك في الربا والله تعالى قال في كتابه إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية أنه لما نزل قوله تعالى فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قالت الأخوة الأربعة الذين كانوا يعاملون بالربا بل نتوب إلى الله فإنه لا طاقة لنا بحرب الله ورسوله فرضوا برأس المال وطلبوا بني المغيرة بذلك فشكا بنو المغيرة العسرة وقالوا أخرونا إلى أن تدرك الغلات فأبوا أن يؤخروهم فأنزل الله تعالى وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ، القول الثاني وهو قول مجاهد وجماعة من المفسرين إنها عامة في كل دين واحتجوا بما ذكرنا من أنه تعالى قال وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ ولم يقل وإن كان ذا عسرة ليكون الحكم عاماً في كل المفسرين قال القاضي والقول الأول أرجح لأنه تعالى قال في الآية المتقدمة فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ من غير بخس ولا نقص ثم قال في هذه الآية وإن كان من عليه المال معسراً وجب إنظاره إلى وقت القدرة لأن النظرة يراد بها التأخر فلا بد من حق تقدم ذكره حتى يلزم التأخر بل لما ثبت وجوب الإنظار في هذه بحكم النص ثبت وجوبه في سائر الصور ضرورة الاشتراك في المعنى وهو أن العاجز عن أداء المال لا يجوز تكليفه به وهذا قول أكثر الفقهاء كأبي حنيفة ومالك والشافعي رضي الله عنهم ، المسألة السابعة إعلم أنه لا بد من تفسير الإعسار فنقول الإعسار هو أن لا يجد في ملكه ما يؤديه بعينه ولا يكون له ما لو باعه لأمكنه أداء الدين من ثمنه فلهذا قلنا من وحد داراً وثياباً لا يعد في ذوي العسرة إذا ما أمكنه بيعها وأداء ثمنها ولا يجوز أن يحبس إلا قوت يوم لنفسه وعياله وما لا بد لهم من كسوة لصلاتهم ودفع البرد والحر عنهم واختلفوا إذا كان قوياً هل يلزمه أن يؤاجر نفسه من صاحب الدين أو غيره فقال بعضهم يلزمه ذلك كما يلزمه إذا احتاج لنفسه ولعياله وقال بعضهم لا يلزمه ذلك واختلفوا أيضاً إذا كان معسراً وقد بذل غيره ما يؤديه هل يلزمه القبول والأداء أو لا يلزمه ذلك فأما من له بضاعة كسدت عليه فواجب عليه أن يبيعها بالنقصان إن لم يكن إلا ذلك ويؤديه في الدين ، المسألة الثامنة إذا علم الإنسان أن غريمه معسر جرم عليه حبسه وأن يطالبه بما له عليه فوجب الإنظار إلى وقت اليسار فأما إن كانت له ريبة في إعساره فيجوز له أن يحبسه إلى وقت ظهور الإعسار واعلم أنه إذا ادعى الإعسار وكذبه للغريم فهذا الدين الذي لزمه إما أن يكون عن عوض حصل له كالبيع والقرض أو لا يكون كذلك وفي القسم الأول لا بد من إقامة شاهدين عدلين على أن ذلك العوض قد هلك وفي القسم الثاني وهو أن يثبت الدين عليه لا بعوض مثل إتلاف أو صداق أو ضمان كان القول قوله وعلى الغرماء البينة لأن الأصل هو الفقر " ( ) . قال الحافظ ابن حجر : " قوله باب من انظر معسراً روى مسلم من حديث أبي اليسر بفتح التحتانية والمهملة ثم الراء رفعه من انظر معسراً أو وضع له أظله الله في ظل عرشه وله من حديث أبي قتادة مرفوعاً من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه ولأحمد عن بن عباس نحوه وقال وقاه الله من فيح جهنم واختلف السلف في تفسير قوله تعالى وأن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة فروى الطبري وغيره من طريق إبراهيم النخعي ومجاهد وغيرهما أن الآية نزلت في دين الربا خاصة وعن عطاء أنها عامة في دين الربا وغيره واختار الطبري أنها نزلت نصا في دين الربا ويلتحق به سائر الديون لحصول المعنى الجامع بينهما فإذا اعسر المديون وجب انظاره ولا سبيل إلى ضربه ولا إلى حبسه ، قوله كان تاجر يداين الناس في رواية أبي صالح عن أبي هريرة عند النسائي أن رجلاً لم يعمل خيراً قط وكان يداين الناس قوله تجاوزوا عنه زاد النسائي فيقول لرسوله خذ ما يسر واترك ما عسر وتجاوز ويدخل في لفظ التجاوز الانظار والوضيعة وحسن التقاضى وفي حديث الباب والذي قبله أن اليسير من الحسنات إذا كان خالصا لله كفر كثيرا من السيئات وفيه أن الأجر يحصل لمن يأمر به وأن لم يتول ذلك بنفسه وهذا كله بعد تقرير أن شرع من قبلنا إذا جاء في شرعنا في سياق المدح كان حسنا عندنا " ( ) .
نصوص الكتاب والسنة في فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه وأقوال العلماء في ذلك