السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هوت أسعار أكثر من نصف الأسهم المدرجة في السوق السعودية بقرب الحد الأقصى "10%" في تعاملات اليوم الثلاثاء 7-10-2008، من بينها غالبية الشركات القيادية، على رأسها "سابك" الذي خسر 9.7%، الأمر الذي كبد المؤشر العام للسوق خسائر تجاوزت 7%، وإن كانت قد وصلت مطلع الجلسة إلى نحو 9%، بضغط أساسي من أسهم قطاع البنوك والبتروكيماويات، مع استمرار قيام المتداولين -ولليوم الثاني على التوالي- بعرض الأسهم للبيع على النسب الدنيا رغم الأداء الجيد الذي تسجله عدد من الأسواق المالية العالمية، فيما شهدت السوق ارتفاعا ملحوظا في السيولة التي فاقت الـ5 مليارات ريال (الدولار يعادل 3.75 ريالات).
وفشلت التأكيدات التي كشفت عنها نتائج 6 بنوك تم إعلانها، ضمت "العربي الوطني"، و"سامبا"، و"الهولندي"، و"الراجحي"، و"الرياض"، و"الفرنسي"، على أنه ليس هناك تأثير ملموس لأزمة الرهن العقاري على الوضع المالي لها في حماية أسهمها من الانخفاض لتتكبد جميعها خسائر قاسية
وأبدى عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الحميد العمري استغرابه من عدم تدخل الجهات المعنية لتبرير الأسباب الحقيقية وراء الانخفاض الحاد الذي شهده المؤشر العام السوق منذ اللحظة الأولى لافتتاح السوق، مشيرا إلى أن اللحظة الأولى من جلسة أمس أفقدت سوق الأسهم السعودية 134 مليار ريال من قيمتها النقدية.
وقال: "من المفترض أن تتفاعل هيئة السوق المالية مع هذا التراجع الحاد سريعا، من خلال إيقاف تعاملات السوق إلى حين عودة الثقة من جديد إلى نفوس المتعاملين فيه"، مؤكدا على أن الأزمة الحالية التي تمر بها تعاملات السوق غير مبررة، ولا يمكن إسنادها للأزمة الاقتصادية العالمية.
وأكد العمري أن السعي وراء جذب ثقة المتداولين في السوق المالية السعودية والبنوك المحلية هو أبرز الأدوات التي ستحقق ارتفاعات مجزية خلال الفترة المقبلة، مؤكدا على أن إعلان بعض البنوك عن أرباح مجزية في نتائج الربع الثالث لم يشفع لها تحقيق أي نوع من الارتفاعات.
ووصف أداء مؤشر السوق العام بأنه (الأسوأ)، مشيرا إلى أن التعاملات لم تشهد أي نوع من أنواع الارتداد كما كان يحدث في السابق أثناء الانخفاضات السريعة.
وانخفض المؤشر العام بنسبة 7.03% تعادل 472.88 نقطة، ليغلق على 6253.72 نقطة، وبلغت كمية الأسهم المتداولة نحو 230.5 مليون سهم، بتنفيذ حوالي 141.3 ألف صفقة تقريبا، بلغت قيمتها حوالي 5.241 مليارات ريال.
من جهته أكد المحلل الفني عبد العزيز الشاهري، أنه "عندما تكون السيولة ضعيفة علينا أن نتوقع قيعانا جديدة، سوقنا تتأثر بالسلب أكثر من الإيجاب"، معللا التراجع الكبير في قيم التداولات إلى أن "الشركات جميعا على نسب دنيا، الخوف يتنامى، وأن كثيرا من المتداولين "حتى لو أملوا أن يكون هناك ارتداد (إيجابي) فإنهم يخافون من الشراء".
أرباح الشركات وقال لصحيفة "الاقتصادية": إن المستثمر ينظر إلى ما توزعه الشركة من أرباح نقدية، وإن المستثمر يدخل عادة على دفعات، لكن عندما يكون التراجع يتوقف الكل عن الشراء، بعضهم يفضل التريث إلى أن تتأرجح (الأسهم) أقل من ذلك، رغم أنهم مقتنعون بأن الأسعار الحالية مناسبة (للشراء)".
وزاد "عندما يكون تراجع عام يحصل عزوف من المتداولين عن الشراء، إذا تراجعت الأسواق نقطة سوقنا يتراجع أكثر من نقطتين"، مؤكدا أن الشركات العقارية في السوق السعودية لا علاقة لها بما يحصل بالخارج، لهذا فإن التراجع مبالغ فيه".
وأكد أن المرحلة المقبلة تتطلب مراقبة السيولة، وأداء الأسواق العالمية، مضيفا "لا يجب أن ننظر للتحليل الأساسي والفني، يجب أن ينصبّ اهتمامنا خلال الفترة الحالية على الأخبار العالمية أكثر من المحلية"، مدللا على ذلك بأرباح عدة شركات في سوق الأسهم السعودية أمس، وبخاصة شركة الراجحي التي لم تؤثر إيجابا في أداء السهم في جلسة أمس.
ويرى محلل أسواق المال ثامر السعيد أنه لا يوجد أي مبرر للتراجع الكبير في السوق حتى في ظل تداعيات أزمة الائتمان"، مستشهدا بعديد من الشركات التي حققت نموا "طيبا" في الأرباح.
وأضاف "السوق يسيطر عليها الأفراد، الدور المؤسساتي غائب، التراجع الكبير في السوق يعود إلى أن المتداول "جاء مشحونا" تفاعلا مع الأزمة المالية العالمية"، مؤكدا أنه لا يوجد أي مبرر لتسجيل أكبر خسائر في الشرق الأوسط أمس، حتى في ظل تداعيات أزمة الائتمان.
وقال: "أعلنت عدد من الشركات نموا في الأرباح، النتائج تعكس أن القطاع المصرفي لم يتأثر بما يحدث في أزمة الائتمان العالمي، الإعلانات لم تكن كافية لتهدئة المتعامل الذي كان يتوقع نهاية العالم، لهذا انهمرت العروض".
وأشار إلى أن الحالة النفسية تحكمت إلى حد كبير في جلسة أمس "غاب التحليل المالي لأداء الشركات، والتحليل الفني، غيبت الأساسيات من الأسواق وليست السوق السعودية فقط وطغى العامل النفسي".
وقال نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة كسب المالية إبراهيم العلوان: إن إفصاحات البنوك السعودية لا تمنح المستثمرين ما يكفي من التفاصيل لتقييم مدى تعرضهم للمخاطر.
وأضاف "لا تشمل ما يكفي من التفاصيل لإظهار التأثير المباشر للأزمة العالمية، حتى عندما تجنب البنوك مخصصات لتعويض خسائر الاستثمارات، ربما خصصت سامبا مبالغ لتعويض انخفاض في قيمة الاستثمارات، يمكن أن يكون بعضها في الخارج ومرتبطا بالأزمة العالمية".
وطالب الخبير الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة هيئة السوق المالية بإيقاف تعاملات السوق إلى حين انتهاء الأزمة الحالية، مشيرا إلى أن محافظ المستثمرين الأفراد والمؤسسات في سوق الأسهم لم تعد تتحمل انخفاضات جديدة.
وتمنى باعجاجة خلال حديثه مع صحيفة "الوطن" السعودية من المتعاملين في السوق ضرورة التحلي بالصبر، مشيرا إلى أن الأزمات المالية المتلاحقة تحتاج إلى نفس طويل من قبل المستثمرين.
وقال المحلل المالي محمد العنقري: "ما يحدث في السوق السعودية أمر طبيعي نتيجة الأزمات الاقتصادية العالمية" مبينا أن حركة الأسواق حاليا تخرج عن التقييم المالي والفني؛ إذ تتولد فيها الفرص الاستثمارية.
وأوضح العنقري أن أسعار أسهم الشركات المدرجة في تعاملات السوق عقب الإغلاق في مناطق شراء مغرية، عقب وصولها لقيعان تاريخية.
وأضاف العنقري "يعتبر اقتناص الفرص من قبل المتعاملين في السوق من الذكاء الاستثماري، كما أنه ينبغي على المستثمرين مراقبة تداولات السوق المحلية خلال فترة التقلبات التي ستستمر حتى انتهاء إعلانات الربع الثالث"، مشيرا إلى أن ما حدث أثناء تعاملات أمس كان أحد أسبابه الذعر العام المتراكم في نفوس المتعاملين في جميع الأسواق المحلية والعالمية.
وأضاف العنقري أن هناك أسبابا أخرى أثرت بالسوق من أهمها عدم وجود نية للتدخل أو التحرك من قبل الجهات المعنية في السعودية لحل هذه الأزمة كباقي دول العالم، وخاصة الدول الخليجية المجاورة، بالرغم من وجود معروض نقدي وفير واحتياطيات ضخمة.
وشدد على أن الجهات المعنية بالمتابعة والمراقبة لا بد أن توجد خطة لدعم السوق بأي حال من الأحوال بشكل مباشر أو غير مباشر، لافتا إلى أن قطاع المصارف السعودية هو أكثر القطاعات المتضررة.
وانخفض سهم "سابك" بنسبة 9.76% مسجلا سعر 85.50 ريالا، وسهم "الراجحي" بنسبة 5.23% على سعر 68 ريالا، وسهم "زين" بنسبة 7.98% إلى 15.55 ريالا.