السعودية تبدي ارتياحها من الارتباط بالدولار

دول الخليج تؤكد توفر السيولة والإمارات تطرح "العملة الحسابية"
السعودية تبدي ارتياحها من الارتباط بالدولار.. وثقتها بمواجهة أمريكا للأزمة

مهدي ربيع من المنامة
أكد رئيس وزراء البحرين الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أن الظروف الاقتصادية التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية جعلت الحاجة أكثر إلحاحا للعملة الخليجية الموحدة ،"وأن ترى النور في المستقبل القريب".

ودعا خلال استقباله محافظي المصارف المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي، أمس إلى ضرورة ضمان تدفق السيولة بما يكفل استمرار مشاريع التنمية لما تشكله من أهمية في استمرار دورة النشاط الاقتصادي الخليجي ودورها في الوقاية من تأثيرات الأزمة المالية العالمية. وطالب بألا تفرض الأزمة المالية للمبالغة في التوجس والخوف، بل العكس يجب أن تكون باعثا للاعتماد على الحذر المدروس الذي يحقق الحماية المطلوبة ويضمن استمرار حركة العجلة الاقتصادية، معتبرا أن الاقتصاد الخليجي لا يزال يسجل نجاحات متعددة - رغم الأزمة التي عصفت بالكثير من الاقتصاديات العالمية- وهو يبرهن صحة السياسات الاقتصادية الخليجية ويدعو القائمين على المؤسسات المالية الخليجية إلى التفاؤل وممارسة أنشطتها بصورة طبيعية.

وخلال الجلسة المفتوحة لمحافظي البنوك المركزية لدول الخليج العربي أعربت السعودية عن ارتياحها من الارتباط بالدولار وبسعر الصرف الحالي، واعتبرت الربط مناسبا في الوقت الراهن، كما أكدت ثقتها بالإدارة الأمريكية الحالية بأنها ستسخدم "أسلحتها" المختلفة لمواجهة الأزمة المالية وتحقيق الاستقرار في النظام المالي. ولفتت إلى أن الارتباط لم يمنع من التعامل المرن "داخليا" حيث لم تشهد الفترة من 2005 وحتى 2007 تغييرا في أسعار الفائدة رغم تعديلات البنك الاحتياطي الفيدرالي خلال تلك الفترة، كما تم العمل على تجفيف منابع السيولة المتدفقة للحد من المضاربة في الريال السعودي دون خفض سعر الفائدة وبالحفاظ على الارتباط بالدولار.

ولم تبد الرياض في المؤتمر الذي اختتم أعماله أمس قلقا من الأصول المقومة بالدولار، لكنها دعت للحيطة والحذر، معلنة في الوقت نفسه أنها لا تعاني أي نقص في السيولة وتمويلات إقراض القطاع الخاص السعودي الذي زاد بنسبة 15 في المائة في شباط (فبراير) الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وفي حين أكدت بقية الدول الخليجية في المؤتمر تمتعها بالسيولة "وان الأمر لا يعدو كون المصارف تخشى عدم وضوح الصورة في الفترة القليلة المقبلة"، طرحت الإمارات في المؤتمر "العملة الحسابية" بين الدول الخليجية في المدفوعات طريق الأجهزة الإلكترونية، بينما أكدت جميع الدول الخليجية على أن اتفاقية الاتحاد النقدي تضم إنشاء المجلس النقدي الذي سيؤسس البنك المركزي وبالتالي إطلاق العملة الخليجية الموحدة الذي يدور الجدل حول موعد إطلاقها، بيد أن المجلس النقدي هو الذي سيضع جدولا زمنيا بخصوصها.

وقال الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي في الجلسة المفتوحة لمحافظي البنوك المركزية الخليجية، ردا على سؤال يتعلق بالخيارات التي تملكها دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن استنفد مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي خياراته بخفض سعر الفائدة إلى الصفر في ظل ارتباط عملات دول المجلس بالدولار، "إن الربط بطبيعته يحد من الإمكانات والمرونة المتاحة في السياسة النقدية"، لكنه استدرك قائلا "غير أن ذلك لا يعني عدم وجود مرونة في بلدك، ففي الفترة بين 2005 و2007 احتفظت أسعار الفائدة في السعودية بمستوياتها عند 5.5 في المائة رغم أن بنك الاحتياطي الأمريكي عدل من تلك الأسعار".

وتابع استشهاده بأمثلة أخرى "كما قمنا بالعمل على تجفيف منابع السيولة المتدفقة للحد من المضاربة في الريال السعودي دون خفض سعر الفائدة وبالحفاظ على ربط عملتنا بالدولار.

وأبدى الجاسر ارتياح بلاده من الارتباط بالدولار وبسعر الصرف الحالي، "فهي العملة المناسبة للربط حاليا"، معربا عن ثقة الرياض بالدولار وبالإدارة الأمريكية الحالية بأنها تستخدم سلحتها" المختلفة لمواجهة الأزمة المالية وتحقيق الاستقرار في النظام المالي.

ولم يبد قلقا من الأصول السعودية المقومة بالدولار، رغم انه دعا للحيطة والحذر، حيث لا تجد حسب قوله "ملاذات آمنة" في ظل انتشار وتوسع الأزمة. وقال إن بلاده لا تعاني أي نقص في السيولة وتمويلات إقراض القطاع الخاص السعودي قد زادت بنسبة 15 في المائة في شباط (فبراير) الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، كما ارتفع المعروض النقدي بالنسبة نفسها "وهو ما يعكس أن حجم السيولة جيد".

ورأى "أن ما يحصل حاليا هو أن هناك إعادة للحسابات وليس نقصا في سيولة البنوك"، معلنا "حينما ذهبنا للبنوك السعودية لترى مصداقية ما يقال عن شح السيولة" أجابتنا المصارف بأنها لا تريد أموالا إضافية"، وبالتالي فإنني أطمئن الجميع بأن القطاع المصرفي السعودي يتمتع بملاءة وسيولة جيدة. وبخصوص الاتحاد النقدي قال الجاسر "أحيانا لدي أحساس بأن هناك استعجالا بإثارة الأسئلة حول إصدار الأوراق النقدية (العملة)، معربا عن خشيته من إغفال ما تحقق من إنجازات بين دول مجلس التعاون.

وتابع "هناك سلسلة من الخطوات تستوجب الوصول الكامل للوحدة النقدية الكاملة لتكون قادرة على الصمود أمام الأزمات"، مؤكدا على ضرورة عدم إغفال أهمية اعتماد قمة مسقط لاتفاقية الاتحاد النقدي التي ستضع الإطار القانوني والمؤسسي لتأسيس المجلس النقدي والبنك المركزي، "وبالتالي فإن المسألة هي مسألة وقت فقط".

وكان الشيخ سالم آل الصباح محافظ البنك المركزي الكويتي، قد أوضح في معرض رده على سؤال يتعلق بضرورة توضيح ما إذا كان هناك تأجيل فعلي للعملة الخليجية الموحدة، إن هناك خلطا في هذا الأمر، حيث إن إطلاق العملة يقع في نهاية مطاف ويبدأ بتأسيس الاتحاد النقدي الذي ينشئ المجلس النقدي لهيئة الأمور التشريعية والمؤسسية ويعمل على تأسيس البنك المركزي، حيث يطلق الأخير العملة، مؤكدا "الخطوة المقبلة هي تأسيس المجلس النقدي".

ورأى أن السيولة متوافرة في الكويت، والمتابع للأرقام حسب قوله يرى أن هناك ارتفاع في حجم التسهيلات الائتمانية "رغم أنها بمعدلات بطيئة"، مضيفا "لكن البنوك تتخوف وتتأهب لأن الصورة لديها غير واضحة بالنسبة للفترة القليلة المقبلة".

وأكد أن وضع البنوك الكويتية جيد لاسيما أن معدل كفاية رأس المال للبنوك يبلغ حاليا 14 في المائة.

وقال الشيخ سالم في لقاء مع (قناة العربية) أمس، إن هذا المعدل يفوق متطلبات الحدود الدنيا للنسبة المقررة بموجب تعليمات البنك المركزي وهي 12 في المائة وهي أعلى أيضا من النسبة المقترحة بموجب توصيات لجنة بازل للرقابة المصرفية وهي 8 في المائة. وردا على سؤال بشأن معدلات التضخم في الكويت توقع المحافظ أن يكون معدل التضخم للعام الحالي في حدود 7 في المائة. وأضاف أن هذه التوقعات مبنية على مجموعة من العوامل الداخلية من بينها انخفاض الأسعار نتيجة لانخفاض الطلب المتوقع على السلع والخدمات إلى جانب العوامل الخارجية التي تتعلق بواردات الكويت والتي يتوقع انخفاض أسعارها نتيجة انخفاضها عالميا.

وتوقع محافظ البنك المركزي الكويتي، أن يشهد الاقتصاد الكويتي تباطؤ في النمو في العام الجاري.

وأكد الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني محافظ البنك المركزي القطري، أن السيولة في القطاع المصرفي متوافرة، لكنه لاحظ أن الفترة الأخيرة شهدت تحولات في توجهات المستثمرين، ففي قطاع البتروكيماويات هناك انخفاضا بنسبة كبيرة في طلبه على التمويل.

ولاحظ سلطان بن ناصر السويدي محافظ البنك المركزي الإماراتي، أن تراجع الإقراض الداخلي بين بنوك الإمارات قد أدى إلى تأثر السيولة في السوق، مشيرا إلى أن الأزمة ليست الأولى التي يتم مواجهتها، فقد كانت هناك أزمة مشابهة أيضا في الثمانينيات، غير أن الاقتصاد لم يكن معولما بهذه النسبة والاعتماد لم يكن كبيرا على الأسواق الخارجية.

وقال إن الاقتصاد الحقيقي تأثر أيضا في الثمانينيات ولكن كان هناك رافد السيولة ولم يكن هناك أو توسع في الاقتراض من الخارج أو في أسواق رأس المال والاقتراض بين البنوك، وبالتالي تأثر إقراض البنوك حاليا "لهذا السبب". لكن السويدي أوضح أن الاقتصاد بدأ يتكيف وينمو "وإن كان بنسب منخفضة"، متوقعا ألا ترتفع أسعار النفط أكثر من 40 إلى 44 دولارا للبرميل بعدما كان بمتوسط 94 دولارا في العام الماضي "وذلك سيؤثر بشكل كبير في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي خاصة وأن النفط والغاز يكون ما نسبته 40 في المائة من مكونات اقتصادها".

وبالنسبة للاتحاد النقدي الخليجي أوضح أن خطواته بدأت منذ فترة طويلة ودول التعاون قطعت شوطا كبيرا فيه، غير أنه قال "الاتحاد النقدي ليس عملة ورقية ومعدنية"، فقد يتحقق بعملة حسابية تعطى اسما وقيمة وتستخدم في المدفوعات بين هذه الدول عن طريق الأجهزة الإلكترونية، منوها على أنه قد يجري ربط العملة ببعض عملات دول مجلس التعاون الخليجي وربما بالدولار في المرحلة الأولى.

وأكد رشيد المعراج محافظ البنك المركزي البحريني، أن جميع البنوك المركزية الخليجية تعمل على استقرار المعاملات المصرفية والمالية للتخفيف من آثار الأزمة المالية، ما ساعد حسب تعبيره على عدم تدهور الأوضاع الاقتصادية. وقال إنه لا يرى أي تغيير في استثمارات الدولة في الأصول الخارجية. وأبلغ المحافظ مؤتمرا في العاصمة البحرينية المنامة "لا نرى أي تغيير في استثماراتنا في الأصول الخارجية".

وكان الدكتور مارتن فيلدشتاين أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد، قد ذكر في كلمته أمام المؤتمر أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما سوف تقترح حوافز إضافية باعتبار أن المجموعة الأولى منها لم تنجز حتى الآن، لافتا إلى أن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد تحول من عمله كمخفض لسعر الفائدة إلى موفر للائتمان "وهناك خطة لتوسيع عمله لدعم القروض القائمة وتقديمها للقطاعات المتضررة".

وقال "هناك إفراط في التفاؤل بأن الانتعاش سيبدأ في الصيف المقبل، لكننا سنكون محظوظين إذا بدا الوضع في التحسين صيف 2010 "، متوقعا ارتفاع نسبة البطالة من 8 إلى 10 في المائة.

ولفت إلى أن أسعار المنازل التي سجلت انخفاضا بنسبة 25 في المائة بسبب تخلف أصحابها عن السداد، ستواجه خطر الانخفاض بشكل أكبر، رغم أن مقترحات أوباما الأخيرة كانت تهدف إلى مساعدة المهددين بالطرد من منازلهم.

ولاحظ أن الدولة الوحيدة التي يمكن أن تنجو من الأزمة هي الصين "مع أنها شهد انخفاضا في الصادرات"، لكنها عوضت ذلك بالإنفاق الكبير لتعزيز الطلب المحلي، وهو ما يعني أن الدول الخليجية ستستفيد من ذلك حيث ستزيد بكين طلبها على الطاقة.

وتوقع أن ينخفض الدولار بين 10 إلى 20 في المائة بسبب ضغوط العجز التجاري الأمريكي الذي يبلغ 700 مليار دولار سنويا.

وقال أندرو كانينجهام المدير التنفيذي لبرامج الشرق الأوسط في شركة الخدمات المالية في الولايات المتحدة، إن السعودية والإمارات مرشحتان لتحديد الاحتياجات النقدية الخليجية، مرجعا ذلك إلى أنهما يملكان 70 في المائة من حجم الودائع، و65 في المائة من الائتمان الموجه للقطاع الخاص.

زائر

شكرا لجديدك

السعودية تبدي ارتياحها من الارتباط بالدولار 482832

شاكره مرورك العطر
دمت ودام تواصلك

» "الجزيرة كابيتال" تبدي توقعاتها لبعض الشركات السعودية خلال الربع الرابع 2011.. وتبدأ تغطيتها لـ"سابك" و"سافكو" و"سبكيم"
» السوق بدأت فك الارتباط مع سابك... و"الشهرة" عجلت بالخسارة
» ربط العملات الخليجية بالدولار حافز .. لكن انخفاض الفائدة مشكلة