السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال خبراء ووسطاء ماليون وعقاريون في دبي إن الإمارة بدأت تشهد زيادة حادة في مبيعات العقارات التي يضطر أصحابها لبيعها بأسعار رخيصة، حيث أن المستثمرين يندفعون للتخلص من المنازل تحت وطأة الضغط الناجم عن أزمة الإئتمان العالمية.
فقد قامت شركة "إليشيان" العقارية في دبي هذا الأسبوع بإرسال رسالة نصية إلى حوالي 40 ألف جهاز هاتف خليوي تعلن من خلالها عن عرضها لبيع عقارات بأسعار تنافسية رخيصة.
مشروع "العالم": يتضمن 300 جزيرة صناعية في مياه الخليج ومن المقرر الانتهاء منه العام الحالي
|
ومن بين تلك العقارات التي عرضت الشركة بيعها فيللا فاخرة مكونة من ست غرف وفيها ستة حمامات وتقع في "دبي لاند"، وهي أكبر مشروع للترفيه العائلي في منطقة الشرق الأوسط.
منازل للبيع
يقول نص الإعلان إن الفيلا المذكورة، والتي ينتهي العمل من بنائها العام المقبل، معروضة للبيع بمبلغ 21 مليون درهم إماراتي (5.72 مليون دولار أمريكي)، وهذا يشكل نصف سعرها الأصلي.
ففي لقاء مع وكالة رويترز للأنباء اليوم الخميس، قال روبرت ماكناير، مدير المبيعات في الشركة المذكورة: "هناك زيادة كبيرة في عدد مالكي العقارات ممن هم في وضع يضطرهم لبيع عقاراتهم بأسعار رخيصة".
| هناك زيادة كبيرة في عدد مالكي العقارات ممن هم في وضع يضطرهم لبيع عقاراتهم بأسعار رخيصة
روبرت ماكناير، مدير المبيعات في شركة "إليشيان" العقارية في دبي
|
وأضاف ماكناير قائلا: "قد يكون السبب الذي يدفعهم (مالكي العقارات) إلى ذلك هو وجود دفعات مالية كبيرة مستحقة يترتب عليهم تسديدها قريبا، أو لمجرد أنهم رأوا أن قيمة العقارات في السوق تهبط أكثر مما كانت عليه في الشهر الماضي. المهم أن هناك شعورا حقيقيا بالاستعجال."
بيع اضطراري
وأضاف بقوله إنه لاحظ زيادة ملحوظة في عدد رسائل البريد الإلكتروني الصادرة عن مكاتب وشركات عقارية أخرى تقول إن لديها أيضا عقارات في الإمارة تريد أن تبيعها بشكل مستعجل وبأسعار متدنية.
ويواجه قطاع العقارات في الإمارة، التي كانت حتى وقت قريب تشهد فورة عمرانية كبيرة، تراجعا في نسبة الإقراض والنشاط العقاري الحقيقي، وذلك بسبب انعكاسات الأزمة المالية العالمية عليها.
فندق برج العرب يعتبر من أبرز المعالم العمرانية الحديثة لدبي
|
يقول كايد عباس، وهو مستشار عقاري في شركة إنجيل وفولكيرز، إن عدد حالات بيع العقارات بشكل اضطراري ورخيص بدأ بالزيادة مع مطلع الشهر الجاري، مشيرا إلى أنه رأى مستثمرين يبيعون عقاراتهم بأسعار تقل بنسبة خمسة بالمائة عن السعر الأصلي التي بيعت فيه على المخطط (أي قبل أو أثناء الإنشاء).
توفير الأقساط
أما المحامية كافيتا بانيكر، صاحبة مكتب إيس كونسالتا جوريس للمحاماة في دبي، فتقول إنها تتلقي "اتصالين أو ثلاث اتصالات هاتفية في اليوم الواحد" من مستثمرين من الولايات المتحدة كانوا قد اشتروا عقارات في دبي وباتوا الآن يواجهون مشاكل ومصاعب جمة بتوفير الأقساط المترتبة على تلك العقارات."
وتضيف بانيكر قائلة عن أولئك المستثمرين: "هم يودون تسليم تلك العقارات إلى الجهات التي كانوا قد اشتروها منها، أو يرغبون بتبديل صيغ سندات ملكيتهم لتلك العقارات، حتى ولو كان في ذلك خسارة لهم."
وتردف قائلة: "لكن أصحاب العقارات الأصليين (غالبا ما يتمثلون هنا بشركات التطوير العقاري) يحجمون عن استرجاع تلك العقارات. وحقيقة الأمر هي أن هناك فقرة في عقد البيع تنص على أنه في حال عجز الشاري عن التسديد، فإنه يكون بإمكان البائع استرداد العقار، وبالتالي يحتفظ بجميع الدفعات التي يكون قد استلمها من ثمن العقار."
أحر من الجمر | هم (المستثمرين) يودون تسليم تلك العقارات إلى الجهات التي كانوا قد اشتروها منها، أو يرغبون بتبديل صيغ سندات ملكيتهم لتلك العقارات، حتى ولو كان في ذلك خسارة لهم
كافيتا بانيكر، صاحبة مكتب إيس كونسالتا جوريس للمحاماة في دبي
|
وتختتم بقولها: "في العديد من الحالات، يكون بحوزة أولئك المشترين مجرد إيصالات دفع تظهر عليها الأقساط التي قد سددوها. لذلك، فهم يكونون على أحر من الجمر لبيع عقاراتهم تلك."
ويرى الخبراء والمحللون الاقتصاديون أن تلك الزيادة في نسبة العقارات التي يضطر أصحابها للتخلص منها بأسعار بخسة في دبي إنما تُعد مؤشرات إضافية على أن قطاع العقارات في الإمارة يواجه تراجعا وهبوطا حادا.
وهم يدللون على ذلك بقولهم إن الجهات والمؤسسات المالية الممولة قد علقت عمليات منح القروض، وبدأت الأسعار تتهاوى وتنهار وأخذت شركات التطوير العقاري والمستثمرون يتراجعون عن تنفيذ مشاريعهم العقارية الكبيرة.
تعليق الإقراض برج دبي هو الأعلى في العالم، وهو واحد من المشاريع العقارية العملاقة في الإمارة
|
فقد أعلنت مؤسسة دبي للقروض العقارية الإسلامية (أملاك) يوم الأربعاء الماضي تعليق معاملاتها لمنح قروض جديدة، وأصبح المشترون يصارعون من أجل الحصول على القروض.
كما أن أسعار العقارات في "نخلة الجميرة"، وهي الأصغر بين مجموعة من ثلاث جزر إصطناعية على شكل نخيل تعرف باسم "جزر النخيل" في دبي، قد شهدت انخفاضا بلغ 40 بالمائة من قيمتها منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، على حد قول بعض الوسطاء العقاريين.
وأعلنت الهيئة الحكومية المشرفة على "جزر النخيل" الشهر الماضي أنها تراجعت عن أعمال رفع وتجريف الرمال من قاع البحر مقابل الإمارة وتحضيره ليكون موقعا لبناء المشروع العملاق المعروف باسم "نخلة ديرة"، وهي الأكبر من الجزر الثلاث المذكورة، وكان من المقرر أن تضم منازل وعقارات ومؤسسات يشغلها حوالي مليون نسمة.
جو الخوف
وتنقل وكالة رويترز للأنباء عن محي الدين بن هندي، رئيسة مشاريع بن هندي للاستثمار، قوله عن جو الخوف الذي يسيطر على أذهان المتثمرين والمستهلكين في المنطقة: "لقد شهد قطاع سوق تجارة المفرِّق تراجعا بلغ 20 بالمائة من قيمته الأسبوع الماضي لوحده."
| إن أولئك الذين يملكون القدرة على اتخاذ الخطوات العاقلة والحكيمة لن يتأثروا مثل من يعتقدون أن الأمر مجرد يوم غائم أو سحابة صيف وتنجلي غدا. إن الغيوم لن تنقشع هكذا فتصفو السماء غدا بهذه السهولة
عن محي الدين بن هندي، رئيسة مشاريع بن هندي للاستثمار
|
ويضيف بن هندي قائلا: "في البداية، لم يأخذ الناس الأمور على محمل الجد. لكن عندما يشرعون برؤية بطاقات السحب الآلي تُرفض من البنوك، فعندئذ سيبدأون بالشعور أن العملية جد خطيرة."
ويختم بقوله: "إن أولئك الذين يملكون القدرة على اتخاذ الخطوات العاقلة والحكيمة لن يتأثروا مثل من يعتقدون أن الأمر مجرد يوم غائم أو سحابة صيف وتنجلي غدا. إن الغيوم لن تنقشع هكذا فتصفو السماء غدا بهذه السهولة."