السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
</IMG> |
آخر ما سُمع عن رجل الأعمال الفلسطيني عمر عايش، الذي يحمل الجنسية الكندية ومؤسس الشركة العقارية الإماراتية "تعمير القابضة"، إعلانه التنحي عن منصبه كرئيسٍ للشركة، كان ذلك في أواخر مايو/ آيار 2008، في الوقت الذي كانت فيه الشركة تطوّر مشاريع تقُدَّر قيمتها بـ40 مليار دولار، حيث قامت بتطوير أكثر من 30 مشروعًا في كلٍّ من دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الآن يعود عايش مؤسّسًا ورئيسًا لمجلس إدارة شركة "نوبلز للاستثمار – Nobles"، التي يصل حجم موجوداتها إلى 1.1 مليار دولار، كلها من ممتلكاته الخاصة ومن الأرباح التي كان قد حققها في القطاع العقاري.
وفقًا لتحقيق صحفي كتبته الزميلة خلود العميان في مجلة فوربس العربية خلال عددها الصادر نوفمبر/ تشرين الثاني يحاول عايش البالغ من العمر 39 عامًا، الخروج من دائرة الماضي والبدء من جديد لتعويض خسارته في شركة "تعمير"، التي أسسها في الـ2003، وذلك بعد أن استحوذت "مجموعة الراجحي" السعودية على حصة الأغلبية فيها.
خسارته "تعمير"ولا يخفي عايش ذلك عندما يلوم نفسه، على هذه الخسارة بقوله: "لم يكن الأمر بيدي"؛ ففي أبريل/ نيسان 2005، وعندما اختار عايش شركاءه وهم "مجموعة الراجحي" من بين العديد من المؤسسات التجارية والبنوك، كان يبدو واثقًا من تلك الخطوة، وكان يقول: "هذه الشراكة ستحقق قيمة إضافية لشركتي (تعمير)"، لقد كان يهدف من وراء ذلك إلى مساعدة شركته على التوسع في أنشطتها في المنطقة والاستفادة من الطفرة العقارية الحاصلة فيها، لكن ما حدث هو أنه بعد مضي عامين، وتحديدًا في يونيو/ حزيران 2007، قامت "مجموعة الراجحي" بزيادة حصتها في رأسمال الشركة من 50% إلى 75%، عن طريق ضخ سيولة توازي 5 أضعاف رأس المال؛ نظرًا إلى حاجة "تعمير" إلى هذه السيولة لمواكبة الطلب على المشاريع الضخمة، التي تقيمها في الإمارات وخارجها.
عايش كان يدرك كما يقول اليوم، بأن ما حدث كان "بداية النهاية"، والنتيجة أنه لم يعد يملك اليوم سوى 25% من الشركة.
استقالة وليدة اللحظةقرار الاستقالة من إدارة الشركة لم يكن يراوده من قبل، وقد جاء "وليد اللحظة" كما يصفه عايش، يقول عايش الذي غادر مكتبه عصرًا، بعد أن طلب من مدير مكتبه عز الدين خالد أن يبعث برسالة إلى شركائه عبر بريده الإلكتروني يبلغهم فيها رسميًّا بخبر استقالته.
بعد يومين فقط، تم الإعلان في وسائل الإعلام الإماراتية عن خبر تنحِّيه عن إدارة
"تعمير"، ويعلّق على ذلك قائلاً: "أردت إبلاغ الناس رسميًّا بأنه ليس لي علاقة بإدارة "تعمير"، وبأنني غير مسؤول عمّا يحدث في الشركة، فإذا تراجع أداؤها لن يكون ذلك بسببي، وإذا تحسّن أيضًا سيكون ذلك بفضل غيري، ولكنه يضيف "هذا لا يعني عدم حرصي على مستقبل الشركة ومتابعة أمورها من خلال دوري كعضو في مجلس الإدارة".
رمى بخسارته وراء ظهره عصر ذلك اليوم، وتوجّه إلى مزرعته الخاصة في إمارة عجمان ليلعب كرة الطائرة مع أصدقائه، وكان يردّد في أعماقه "سأبدأ من جديد"، وبالفعل، بعد فترة وجيزة، تمكّن عايش من تأسيس فريق عمل جديد، وأعلن عن إطلاق شركة
"نوبلز" المملوكة له 100%، ويعلّق على ذلك قائلاً: "في "نوبلز" لن يكون هناك شركاء، ولا نية أيضًا لأن تكون شركة مساهمة خاصة أو مساهمة عامة، أرغب في إدارة أعمالي واتخاذ القرارات بحريّة، ومن دون أي تأخيرٍ أو ضغوطٍ من جهات أخرى".
التحق به للعمل في "نوبلز" 10 من المديرين وكبار المسؤولين في شركة "تعمير"، من أصل 400 موظف يعملون في الشركة، وهو يؤكد أن انتقال فريق العمل معه إلى الشركة الجديدة لا يضر بشركته السابقة "تعمير": "الأراضي والمشاريع نحن نوزّعها؛ ولكن البشر هم يختارون مصيرهم".
إنّه يرى أن ما حدث من موجة استقالات في "تعمير" أمرٌ طبيعي، وهي تغييرات إدارية متوقعة تحدث في أية شركة، "لقد قضينا أوقاتًا طويلة من العمل، ولدينا الرغبة في العمل معًا من جديد"، أما عدد الموظفين في شركة "نوبلز" فسيصل إلى 150 موظفًا حسب احتياجات الشركة التي شرع عايش وفريقه الجديد في وضع استراتيجتها، "لم أُضيع وقتي لأنني أعرف ما أريد"، يقول عايش الذي استبعد العمل في مجالٍ آخر بعيد عن العقارات: "لا ينقصني شيء للبدء من جديد".
نوبلز.. مشروع في ليبيا"نوبلز"، التي تمارس نشاطها حاليًّا من مكاتب مؤقتة في دبي بانتظار أن يتم تجهيز مقرّها في "دبي فيستيفال سيتي"، استطاعت الحصول على أول مشروع لها بقيمة 500 مليون دولار، وذلك عقب توقيع عقدٍ مع شركة "أويا للتطوير والاستثمار السياحي" التابعة لـ"صندوق التنمية الاقتصادي والاجتماعي في ليبيا"، يهدف إلى تطوير مشروع "تريبوليس تاورز" وسط العاصمة الليبية طرابلس الغرب على مساحة أرضٍ تبلغ 275.000 قدم مربعة، وبمساحة بناءٍ إجمالية تبلغ 3.5 مليون قدم مربعة، حيث يتألف المشروع من برجين أحدهما فندق بتصنيف 5 نجوم، بالإضافة إلى مركز تسوق، فيما سيتضمن البرج الثاني مكاتب تجارية.
وهناك مشاريع أخرى، منها مشروعان في الإمارات، وواحد في الأردن و3 في ليبيا و2 في اليمن، سيتم تمويلها جميعًا من موارد الشركة الذاتية دون اللجوء إلى أيّة قروض بنكية، حيث سيتم الاعتماد على إيرادات المبيعات خلال تنفيذ المشاريع، كما يقول عايش، إضافةً إلى بعض الشركاء الذين "سيتم اختيارهم بعناية"، والذين لن تزيد نسبة ملكيتهم على 25%، لقد وقعت "نوبلز" عقدًا مع شركة "رسملة للاستثمار" ومقرها دبي في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2008، لجمع أموالٍ من مستثمرين وبما يوازي 25% من قيمة المشروعات التي تطورها "نوبلز" في الإمارات والبالغة ملياري دولار.
أما شركة "تعمير" فقد أعلنت عن أحدث مشاريعها، حيث ستقوم بتطوير ناطحة سحاب بارتفاع 600 متر في شارع الشيخ زايد في دبي، لتكون ضمن قائمة أطول الأبراج في العالم. وكانت الشركة قد كشفت عن تصميم البرج بعد مسابقة عالمية، ويقول الرئيس التنفيذي الحالي لشركة "تعمير" غسان سخنيني: "إن تصميم برج "أنارا" يجسد رغبة الشركة في الخروج بتحفة معمارية تستقطب أنظار سوق العقار المحلية والإقليمية".
يرى عايش، الذي قضى 5 سنوات في العمل في القطاع العقاري، أنه لم يستطع تحقيق سوى 20% من أحلامه وطموحاته في شركة "تعمير"، وقد آن الأوان للاستفادة من تجاربه السابقة وتجارب القطاع العقاري في المنطقة أثناء تأسيس شركة "نوبلز للاستثمار"، كما أنه يصف هذه التجربة بالقول "مفهوم جديد في العقار قائم على أساسين، فصل المشاريع وتميّز العلامة التجارية للشركة"، إنه ينتقد بعض الشركات العقارية التي أساءت طرق إدارة العقارات، ويقول إنّ "قوة السوق وسرعته دفعت ببعض الشركات إلى اتخاذ بعض القرارات الخاطئة".
بحث طويلويشير بذلك إلى أن الخبرة لم تكن عميقة، والمشاريع لم تكن مسبوقة، وهذا يتضح من الشركات العقارية التي خلطت بين التطوير والإنشاء.
"في "نوبلز"، سنكون مطورين فقط"، ويقصد بذلك أنه سيترك الدراسات الهندسية والاستشارات وغيرها من الأمور الفنية لأصحاب الاختصاص، وسيركز على البحث عن تطوير الأفكار والخبرات وعمّا هو جديد، وما توصلت إليه التقنيات الحديثة في البناء، وفي مواد البناء وتطوير عملية التسويق، "لن أعيد تجارب الماضي وأحمّل شركتي أعباءً بتخصصاتٍ أخرى وأشغل فريق عملي عن التطوير".
تستهدف شركة "نوبلز القابضة" تأسيس شركتين، إحداهما "نوبلز العقارية" التي ستركّز على المشاريع الفاخرة، "نريدها شركة متخصصة بـ7 نجوم"، والأخرى شركة "العمران العقارية"، وهي شركة متخصصة في المشاريع ذات مستوى الـ4 و5 نجوم المتوسطة والمدن الصناعية.
ما أن انتهى من تأسيس فريق العمل ووضع الاستراتيجية، حتى بدأ يعمل على العلامة التجارية للشركة، حنينه ظلّ يشدّه إلى شركة "تعمير"، ويقول "اسم تعمير كان شيقًا". لكنّه أخيرًا وجد اسم "نوبلز"، الذي استغرق البحث عنه طويلاً خلال جولاته في فرنسا.. "زرت المتاحف، وكنت أبحث بين اللوحات عن ألوان شركتي، فكانت "نوبلز""، لقد اتخذ اليوم لشركته شعارًا هو "نوبلز؛ فن الحياة"، والذي يقول إنه يعكس منهجًا أوسع من شعار "تعمير؛ للبناء فنون".
إن صدقت أحلامه، سيكون النجاح حلو المذاق بالنسبة إليه تحديدًا، خصوصًا بعد تجربته في شركة "تعمير"، أمّا الدرس الذي تعلمه فهو "عند الدخول مع الشركاء يجب أن يكون البند الأول كيف يتم التخارج من الشراكة، وأن يكون مكتوبًا وواضحًا"، يقول عايش، حتمًا لا يقصد بذلك أنّه سيعيد الكرّة ويبحث عن شركاء في شركته الجديدة، ويقول: "سيكون لدي شركائي، ولكن فقط في المشاريع".