السعوديون من أكثر الشعوب استهلاكاً وليس لديهم سياسة ادخار
التضخم المستورد يشعل الأسعار بالسعودية
أسعار الأغذية تصل ذروتها في السوق المحلي رغم تراجعها عالمياً
ارتفعت أغلب عناصر مؤشر تكلفة المعيشة في المملكة العربية السعودية، خلال فبراير الماضي نتيجة كثافة الطلب حيث سجلت الإيجارات السكنية ارتفاعا بلغ 9.3 بالمئة، فيما يعتبر أعلى مستوى لها منذ مايو من عام 2010.
وسجلت مجموعة الأغذية أكبر ارتفاع سنوي لها حيث قفزت إلى أعلى مستوياتها في ستة أشهر، وتركزت الزيادة في فئة الأغذية الطازجة مما يعكس تكلفة أعلى أو نقص في العرض في المنتجات التي كانت تأتي من سوريا أو تعبر من خلالها، فيما تراجعت أسعارها عالمياً - حسب مؤشر منظمة الأغذية والزراعة العالمية- للشهر التاسع على التوالي، وفقاً لما ذكرته جريدة "الرياض".
وعزا خبيران اقتصاديان سعوديان، ارتفاع التضخم في المملكة إلى زيادة التوتر في الملف النووي الإيراني والعقوبات المفروضة على إيران، ما يساهم في ارتفاع أسعار النفط العالمية التي تؤثر في أسعار السلع، مؤكدين أن التضخم المستورد يؤثر في التضخم المحلي، لكنّ هناك أسباباً أخرى تتعلق بثقافة الاستهلاك لدى السعوديين التي تساهم كذلك في رفع معدلات التضخم بين الحين والآخر.
احتكار بعض التجار
وقال الخبير الاقتصادي محمد شمس لجريدة "الحياة" السعودية، "إن من أهم أسباب ارتفاع التضخم محلياً زيادة تكلفة المعيشة، بخاصة عاملين مهمين هما الإيجارات والسلع الاستهلاكية التي تسجل ارتفاعات في أسعارها المحلية، لا سيما أن 95 في المئة من دخل السعوديين يتوزع على هذه النواحي الاستهلاكية"،.
وأوضح شمس، أن عدم انخفاض أسعار السلع محلياً، على الرغم من انخفاضها عالمياً، يعود إلى احتكار بعض التجار لهذه السلع، وأضاف «من المعروف في السوق السعودية أن السلع التي ترتفع أسعارها لتأثيرات عالمية لا تعود إلى مستوياتها المنخفضة لوجود بعض المحتكرين للسلع الذين يتحكمون في أسعارها محلياً».
ولفت إلى أن طرق استهلاك السعوديين تتطلب الوعي والتغيير، إذ إن لديهم عادات استهلاكية خاطئة. وأشار إلى أن السعوديين من أكثر الشعوب استهلاكاً، إذ يصرفون نحو 95 في المئة من دخلهم الشهري، وليست لديهم سياسة ادخار، ما يساهم بقوة في رفع نسب التضخم.
سبعة ملايين أجنبي
وأشار شمس إلى أن قيمة الإيجارات في السعودية ارتفعت في الآونة الأخيرة نتيجة وجود نحو سبعة ملايين أجنبي في سوق العمل المحلية، كثرٌ منهم يحصلون على رواتب مرتفعة ومميزات، منها بدل السكن، ما أضر بالآخرين الذين لا يمتلكون مثل هذه المزايا.
ولفت إلى أن السوق السعودية تعتمد على العرض والطلب، وكما هو متعارف عليه فإن ارتفاع معدلات الطلب يزيد الأسعار، خاصة في ظل انخفاض العرض من السلع والخدمات، ما ساهم في استمرار نمو معدل التضخم. ورأى أن حل مشكلة التضخم يكون بمراقبة الأسواق ومنع رفع أسعار السلع والخدمات من دون أسباب واضحة.
زيادة مستوى الدخل
وأرجع تقرير شركة "جدوى للاستثمار" الارتفاع إلى الزيادة في مستوى الدخل الاستهلاكي بين المواطنين، وتحديداً ممن تم انضمامهم حديثاً إلى صفوف القوى العاملة أو توفرت لهم مصادر دخل من برامج الدولة الذين باتوا يشكلون طلباً جديداً على الوحدات السكنية أو أن المكاتب العقارية استبقت الطلب برفع الإيجارات، بالإضافة إلى أن المعروض من الوحدات السكنية الجديدة لا يزال محدوداً.
دعم السلع وزيادة المعروض
وأكد رئيس مركز «إرث» للدراسات الاقتصادية، خالد الحارثي، أن التضخم في السعودية يعود إلى أسباب عدة، من أبرزها التضخم المستورد من الخارج الذي يتزامن مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وأن السعودية تعتمد في اقتصادها على تصدير النفط وتستورد كل شيء، حتى منتجات نفطية مكررة، ولديها تضخم مستورد نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالمياً.
واعتبر أن حل مشكلة التضخم يكون عبر تنظيم السياسات المالية والنقدية، إضافة إلى دعم السلع الاستهلاكية وزيادة المعروض من السلع في السوق، لافتاً إلى أهمية وجود رقابة على الأسواق المحلية من وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك، إضافة إلى دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والصناعات البسيطة، خصوصاً المواد الاستهلاكية.