وظيفة المستشار: المهام والسلبيات للمستشار الكاتب نواف بن عبدالرحمن عراقي
كاتب الموضوع
رسالة
Admin Big Boss
عدد الرسائل : 2011 العمر : 47 الموقع : https://aleraqi.alafdal.net العمل/الترفيه : الرئيس العام لمجموعة منتديات عائلة العراقي المزاج : توكلت علي الله في عملي ورزقي مزاجي : رقم العضوية : رئيس المنتدي تاريخ التسجيل : 07/08/2008
موضوع: وظيفة المستشار: المهام والسلبيات للمستشار الكاتب نواف بن عبدالرحمن عراقي الأربعاء يونيو 30, 2010 7:03 pm
<H2 align=center>حروف وأفكار
وظيفة المستشار: المهام والسلبيات
من الوظائف المبجلة لدينا وظيفة المستشار، متفرغ أو غير متفرغ، خاص أو غير خاص، مستشار الوزارة أو مستشار الوزير، ورغم التبجيل الذي تحظى به، فإنها تبقى وظيفة مجهولة المعالم في كثير من القطاعات الحكومية وغير الحكومية، رغم أنه لا يخلو قطاع حكومي تقريباً دون أن يوجد به المستشار أو المستشارون، لا اعتراض ولا حسد، ولكنها الأسئلة التي نسأل فيها عن مهام المستشار، المفترضة، وكيف أصبحت وظيفة المستشار، لدى البعض، وسيلة لتحقيق أغراض متنوعة تتجاوز الهدف الموضوعي العملي والعلمي لإحداثها...
لو حاولنا إيجاد وصف لعمل المستشار، فإنه يمكن القول بأن الأهداف الرئيسية المنشودة من عمل المستشار هي التالي:
أولاً: تقديم المعلومة الصحيحة، الدقيقة في الوقت المناسب لصاحب الصلاحية في اتخاذ القرار.
ثانياً: طرح الخيارات المكملة والمتاحة لصانع القرار في موضوع الإستشارة، بما في ذلك شرح أبعاد كل من تلك الخيارات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية، على المدى القصير والبعيد.
ثالثاً: العمل على إيصال مشاعر وردود فعل المجتمع تجاه قراراته وعمله، حيث طبيعة المسؤولية تسبب أحياناً في حجب ردود الفعل الاجتماعية عن المسؤول، بعكس المستشار الذي يفترض أن يكون ذا حساسية تجاه ما يدور في المجتمع، كما يفترض أن يكون عدم اشتغاله في تنفيذ القرار مصدر حياد وثقة في نقل رد الفعل الصحيح للمسؤول التنفيذي...
وبما أن المستشار يتركز عمله في إبداء الرأي والمشورة فإن المشورة المطلوب تقديمها، شفوياً كانت أم كتابياً، يجب أن تتميز بمواصفات منها:
أولاً: الوضوح والشمول بمعنى أن تصاغ بشكل مفهوم للمسؤول، يأخذ في الحسبان إثارة الأسئلة والأجوبة الممكنة، وأبعاد التطبيق المختلفة، حسب الهدف الرئيسي الذي ينشده صاحب القرار في طلب المشورة..
ثانياً: الوضوح والدقة بمعنى أن تتبع التسلسل المنطقي والعملي والعلمي الذي يسهم في إثراء موضوع الاستشارة، والنقاش حوله مع صاحب القرار أو أصحاب القرار، بعيداً عن العموميات والألفاظ الرنانة التي قد لا تساعد المسؤول، بل تحرجه حين يتبناها بصيغتها التي يقدمها المستشار...
ثالثاً: الإبداع والتجديد في نوع المشورة وأسلوبها، حيث إن المسؤول الناجح دائماً ما يبحث عن التجديد والتطوير وفق المفاهيم الحديثة، في موضوع الاستشارة أو العمل، بعيداً بالتأكيد عن الخيال غير القابل للتطبيق.
رابعاً: المشورة يجب أن تكون مناسبة مع البيئة الاجتماعية أو تأخذ في الحسبان البعد الاجتماعي بكافة أبعاده المعيشية والثقافية والدينية...
خامساً: المشورة يفترض أن تأخذ في الحسبان التسلسل الزمني والخيارات البديلة في التطبيق، حتى لا تصبح مجرد تنظير يتم نقله من مراجع علمية.
سادساً: المشورة يجب أن تأخذ في الحسبان البعد الاقتصادي والموارد المتاحة أو الممكن توفيرها للحصول على نتيجة ايجابية من تطبيق النصيحة تلك.
دون الولوج في طبيعة التخصصات ومستويات عمل المستشارين، ذلك البعد النظري أو المثالي في جانب الاستشارة، وعمل المستشار بصفة عامة، ومع تقديرنا للاختلاف في الكفاءة والأمانة والإخلاص وطبيعة العمل من شخص إلى آخر، إلا أن ذلك لا يمنع من الإشارة هنا إلى بعض، ونؤكد على بعض، الظواهر السلبية في عمل ما يسمى بالمستشار في قطاعاتنا المختلفة، والتي منها عدم التفريق بين المستشار والسكرتير الخاص، عدم الوضوح في توظيف المستشار، هل يكون ممن يحملون الرؤية المهنية والعلمية المتميزة التي ستفيد العمل أم تتم مجاملة صديق أو قريب أو زميل بوضعه مستشاراً، وكذا عدم الوضوح في ترقية أحدهم إلى مستشار، هل الهدف هو الرغبة في الاستفادة الفعلية من تجارب المرقى إلى وظيفة مستشار في موقع أكثر تفرغاً وإبداعاً أم إبعاده عن الموقع الذي كان يحتله بطريقة مقبولة وظيفياً.. ويعزز كل ذلك عدم وضوح توصيف وظيفة ومهام المستشار وكذا سهولة انشاء وظيفة المستشار، التي يسهل تسويغها وتبريرها كما يسهل التعيين عليها، بشكل دائم أو مؤقت..
من السلبيات المصاحبة لتعيين المستشار هي استغلال ذلك، كوسيلة يمكن من خلالها (تطفيش) مسؤول تنفيذي في القطاع يصعب إزاحته من موقعه بشكل مباشر، كما يفعل بعض الوزراء للتخلص من بعض مسؤولي الوزارة القدماء، حيث يتم إعطاء الصلاحيات للمستشار، ويتم الاعتماد على المستشار، وإهمال آراء المسؤول المراد إزاحته من موقعه الوظيفي، حتى يتم إجباره على التقاعد أو طلب النقل أو الترقية، وبالتالي تحقيق الغرض الخفي من تعيين المستشار، والإشكالية المرتبطة هنا المتعلقة بتوصيف الوظائف والمراقبة الإدارية هي عدم الفصل بين التنفيذي والإستشاري، حيث يفترض أن لا توكل المهام التنفيذية للمستشار، لأن ذلك يلغي، في كثير من الأحيان، حيادية المستشار ونزاهته في تقديم المشورة الصحيحة المخلصة، بسبب تعارض المصالح بين تقديم المشورة المخلصة، المشار إليها أعلاه، وبين القيام بالعمل التنفيذي.. هذه الظاهرة نلحظها بالذات حين يأتي الوزير من خارج القطاع ويرغب في تجديد بعض القيادات الإدارية من حوله، وتقريب بعض الكفاءات من خارج القطاع..
وظيفة المستشار تستخدم كذلك، لدى البعض، كعتبة لتعيين شخص غير مؤهل أو لا تنطبق عليه الشروط الوظيفية للعمل في وظيفة بذاتها، فعلى سبيل المثال يصعب إقناع الجهات العليا أو التوظيفية، بالموافقة على تعيين شخص ما، ليس لديه خبرات وتسلسل وظيفي في مراكز قيادية إدارية تسوغ توظيفه، ولكن المسؤول بذكائه يلجأ إلى وضع ذلك الشخص في منصب مستشار لعام أو عامين، توكل إليه تدريجياً العديد من اللجان والمهام التنفيذية، ومن ثم تقديم أوراقه للترقية إلى المنصب المراد على اعتباره صاحب خبرة متميزة في مجال العمل في تلك الإدارة..
ذلك عن المستشار القادم من خارج الوزارة أو الإدارة، أما داخل القطاعات فهناك الترقية الشكلية إلى وظيفة مستشار والسلبية في بعض هذه الترقيات هي كونها تضمن راتب الشخص المرقى إلى مستشار، دون عمل أو إنتاجية مستحقة لذلك، أي ضمان اجتماعي متطور، وهذا يبقي المستشار داخل دائرة المصالح الخاصة في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى يكون ذلك المخرج الوحيد نظامياً لإزاحة شخص من موقعه الوظيفي أو الإداري الذي يحتله.. . والمستشار من هذا النوع يكون مكبلاً، فهو إن طرح مشورة جديدة من نوعها، قيل له لماذا لم تطبقها حينما كنت مسؤولاً تنفيذياً، وإن طرح رأيا لا يتوافق مع التوجه الإداري بمؤسسته، قيل له أنت ناقم لأنه تم إزاحتك عن منصبك التنفيذي، وهكذا نجده مكبلاً معنوياً ووظيفياً وغالباً ما يصل إلى مرحلة مبدأها (أقبض الراتب وأقرأ الجرايد ومالي والآخرين).
البعض يعتقد أن وظيفة مستشار هي كاتم الأسرار وبالذات حينما يرتقي إلى منصب مستشار خاص، وبالتالي لا يتم البحث عن مستشار متمكن من فهم طبيعة ومجال العمل، بقدر ما يتم البحث عن شخص مقرب توكل إليه الأسرار، ويبرز ذلك بالذات لدى الإداريين ذوي القناعة بأن العمل الإداري يجب أن يقوم على الكتمان والمؤامرات...
الجهات التوظيفية والإدارية مطلوب منها وضع ضوابط أكثر في هذا المجال، تسهم في القضاء على الأهداف الخفية للتعيين والترقية على وظيفة المستشار، وأول هذه الضوابط يجب أن تكون في الفصل بين المهام التنفيذية والاستشارية، فالمستشار كما أراه يجب أن يتفرغ لتقديم المشورة والدراسات والأفكار التنظيمية والإدارية والاستراتيجية للمسؤول وللمؤسسة، حسب المواصفات أعلاه، بينما التنفيذي عليه الإشراف والعمل على تنفيذ اللوائح والنظم والتعليمات وتطويرها وفق موقعه من الهرم الإداري... كما يجب تحديد السقف العددي للمستشار في منصب تنفيذي متقدم يفترض أن لا تحسب خدماته الاستشارية السابقة كمسوغ رئيسي للتعيين، ليتم التغلب على تعيين غير المؤهلين في مناصب بحجة خبراتهم الاستشارية، فالخبرة الإستشارية مكملة ومهمة، ولكنها يجب أن لا تكون بديلاً للخبرات العلمية والتخصصية المهنية الأساسية، مع تقديرنا للجميع.
</H2>
وظيفة المستشار: المهام والسلبيات للمستشار الكاتب نواف بن عبدالرحمن عراقي