السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
</IMG> |
تحولت قاعات تداول الأسهم السعودية إلى جلسات لتبادل الشكاوى وإحصاء الخسائر بعد أن باتت البورصة تنتقل من تراجع حاد إلى آخر، وخسرت السوق مئات مليارات الريالات في أيام معدودة.
وأصبحت قاعات التداول أشبه بسرادقات العزاء، فتجد مستثمرا تنهمر الدموع من عينيه، وآخر يضرب يده بقوة على الطاولة التي أمامه، وثالث أصابته حالة من الوجوم، ورابع يصيح بصوت هستيري خلال متابعته النزول الحاد للأسهم.
ورصد موقع "الأسواق.نت" في جولة على عدد من قاعات التداول في الرياض تراجع الإقبال على صالات التداول التي كانت تعج بالمتداولين، وهجرها الكثيرون بعد أن فقدوا الثقة في السوق، وأيقنوا أن هناك وقتا طويلا حتى تخرج السوق من النفق المظلم الذي دخلته.
وواصلت سوق الأسهم السعودية اليوم الأربعاء 8-10-2008 تراجعها المؤلم، وهبط مؤشرها بأكثر من 8% بعد نحو ساعة من الافتتاح.
وأحدث الانهيار الحاد والمطّرد في أسعار أسهم جميع الشركات ردود فعل عنيفة وواسعة النطاق، وأوجد حالة من الاضطراب والقلق المستمر لدى الجميع، سواء من المستثمرين بجميع مستوياتهم، أو الخبراء والمحللين.
وأعاد هذا التراجع الحاد إلى ذاكرة المستثمرين أيام انهيار السوق في فبراير/شباط 2006، وما لحق بهم من خسائر مادية، وأضرار صحية، ومعرفتهم لأمراض ربما لم يسمع كثير عنها من قبل.
لا تفسير لما يحدث وقال المستثمر خالد عبد الله: لا أجد تفسيرا لما يحصل في السوق، وأنا غير مصدق لما يحدث "معقول هذا التراجع الفظيع لثلاثة أيام متواصلة، لقد فقدت 80% من أموالي في السوق منذ بداية عمل السوق بعد إجازة عيد الفطر".
وأضاف بصوت حزين وهو يتحدث لموقعنا "أنا أستحق ما يجري لي، لقد أخذت على نفسي عهدا بعدم الدخول إلى السوق بعد انهيار عام 2006، ولكن صعود السوق العام الماضي وبداية العام الحالي أغراني بالعودة، خاصة وأنني حققت مكاسب جيدة من الاكتتابات التي طرحت خلال الفترات الماضية".
أما المستثمر فهد الهاني فقال: إنني أحضر إلى قاعة التداول لأحصي خسائري، وأتبادل الأحاديث مع المفجوعين من السوق مثلي، "نحن نواسي بعضنا بعضا".
وأضاف وهو يلقي نظرة على قاعة التداول "انظر إلى المقاعد، إن معظمها خاوية. المستثمرون هجروها، بعد أن يئسوا من السوق وخسروا كل شيء".
وقال: إننا دخلنا في دوامة من الخوف والقلق، ونسير في نفق مظلم ولا نجد بصيصا من الأمل، أين الحكومة؟، لماذا لا تتدخل وتضخ سيولة في السوق، انظروا إلى أمريكا والدول الأوروبية، لماذا لا نفعل مثلهم، خاصة وإن اقتصادنا جيد كما يقول المسؤولون.
واستغرب عدم ظهور المسؤولين عن السوق لطمأنة المتداولين، مشيرا إلى أن تصريحات نائب محافظ مؤسسة النقد السعودي اليوم لا تعني شيئا وليس فيها جديد، ولن يكون لها تأثير يذكر على السوق.
الأموال تبخرتوقال المستثمر سالم العنزي: إننا نعيش حالة من التشاؤم، ولا نتوقع تحسن الأوضاع في السوق على المدى القريب، مشيرا إلى أن شراء الأسهم في الوقت الحالي أمر جيد لأن الأسعار قياسية، ولكن من أين نأتي بالسيولة، لقد فقدنا معظم أموالنا.
وأضاف أن الصورة الآن غير واضحة، والتدهور مستمر، وكل شيء متوقف على الدور الذي يمكن أن تلعبه هيئة السوق للخروج من الأزمة الراهنة، واصفا الانهيار الذي تشهده السوق بـ"السرقة العلنية".
وطالب هيئة سوق المال بسرعة التدخل من أجل وضع حد للتدهور؛ لأن ذلك سيؤدي إلى كارثة اقتصادية واجتماعية لملايين المستثمرين الصغار، وسيقضي على عائلات بأكملها وبالتالي التأثير في الأمن الاقتصادي والاجتماعي.
وتابع "ما يحدث بمثابة تدمير كامل لمستقبل المواطن لا سيما أصحاب الدخول البسيطة".
ورأى المستثمر عبد الناصر الشيباني أن ضحايا سوق المال لدينا -وأنا منهم- لا حول لهم ولا قوة، وهم ما بين مريض نفسي وهارب ومسجون ومهدد بالسجن ومفصول من عمله ومطارد، وشخص يائس من الحياة، وآخر تطارده الديّانة، وآخر فقد كل ما يملك.
وأضاف نحن كمواطنين نتفرج على ما قدمته الحكومات الأمريكية والغربية وغيرها لأسواقها المالية من مئات المليارات وأكثر، بينما نحن نتفرج.
قروض البنوكوروى المستثمر حزام العتيبي لموقعنا مأساته مع سوق الأسهم السعودية، وقال: إن عمري ضاع وبقي قرض البنك.
وأشار العتيبي -وهو موظف حكومي- إلى أنه ذهب إلى البنك في مطلع العام الحالي وحصل على قرض بقيمة 70 ألف ريال يسدده من راتبه بهدف التداول في الأسهم، وسارع بفتح حساب ليتولى البيع والشراء اليومي.
وأضاف أنه استطاع خلال الشهور الماضية تحقيق أرباح جيدة، وتجاوز رأسمالي 100 ألف ريال، ولكن منذ يوم الاثنين وبدء انهيار السوق فقدت أكثر من 80% من أموالي.
وأضاف "لم أصدق نفسي وأنا أرى السوق تنهار، فقد كنت في حالة ذهول وأنا أرى الشاشة حمراء، وارتفع ضغطي"، وقال: إن الديون باتت تلاحقني، وأقساط البنك تسحب من الراتب شهريا، وتحولت أيام الفرح إلى نكد وقلق وألم واكتئاب.
ولم تقتصر أضرار الأسهم على الأمور المادية، بل طالت العلاقات الأسرية -كما يقول العتيبي- فقد "أصبحت علاقتي بأسرتي متوترة، ولا أستطيع الجلوس في المنزل، ولذلك أخرج من قاعة التداول إلى المقهى، ولا أعود إلا متأخرا في المساء للنوم".