موضوع: أداب السفر وأخلاقيات السياحة الأربعاء نوفمبر 05, 2008 1:04 pm
•.¸.•°°•.¸.• كتاب آداب السفر °•.¸.•°
باب استحباب الخروج يوم الخميس واستحبابه أول النهار
عن كعب بن مالك، رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس " متفق عليه " .
وعن صخر بن وداعة الغامدي الصحابي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم بارك لأمتي في بكورها ، وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار. وكان صخر تاجراً فكان يبعث تجارته أول النهار، فأثري وكثر ماله " رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن " .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده " رواه البخاري " .
وعن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب " رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة، وقال الترمذي: حديث حسن " .
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا خرج ثلاثة في سفر فليأمروا أحدهم " حديث حسن " رواه أبو داود بإسناد حسن " .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الصحابة أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف ولن يغلب اثنا عشر ألفاً عن قلة " رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن " .
@ باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السري والرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها وجواز الإرداف علي الدابة إذا كانت تطيق ذلك @
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا عليها السير وبادروا بها نقيها، وإذا عرستم، فاجتنبوا الطريق، فإن طرق الدواب، ومأوي الهوام بالليل " رواه مسلم " .
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا كان في سفر ، فعرس بليل اضطجع علي يمينه وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه، ووضع رأسه علي كفه " رواه مسلم " .
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليكم بالدلجة ، فإن الأرض تطوي بالليل " رواه أبو داود بإسناد حسن " .
وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان ، فلم ينزلوا بعد ذلك منزلا إلا انضم بعضهم إلي بعض " رواه أبو داود بإسناد حسن " .
وعن سهل بن عمرو وقيل سهل بن الربيع بن عمرو الأنصاري المعروف بابن الحنظلية وهو من أهل بيعة الرضوان رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره بطنه فقال: اتقوا الله في هذه البهائهم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة رواه أبو داود بإسناد صحيح " .
وعن أبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه وأسر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس وكان أحب ما أستتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل . يعنى: حائط نخل " رواه هكذا مختصراً " .
وعن أنس رضي الله عنه قال: كنا إذا نزلنا منزلا لا نسبح حتي نحل الرحال " رواه أبو داود بإسناد علي شرط مسلم " .
في الباب أحاديث كثيرة تقدمت كحديث: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، وحديث : كل معروف صدقة وأشباههما .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن في سفر إذ جاء رجل علي راحلة له فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان معه فضل ظهره فليعد به علي من لا ظهر له ، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ، فذكر من أصناف المال ما ذكره حتى رأينا: أنه لا حق لأحد منا في فضل رواه مسلم " .
وعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه أراد أن يغزو فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار إن من إخوانكم قوماً ، ليس لهم مال ، ولا عشيرة ، فليضم أحدكم إليه الرجلين ، أو الثلاثة ، فما لأحدنا من ظهر يحمله إلا كعقبة ، يعني أحدهم قال: فضممت إلي اثنين أو ثلاثة مالي إلا عقبة كعقبة أحدهم من جملي " رواه أبو داود " .
وعنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير، فيزجي الضعيف ويردف ويدعو له " رواه أبو داود بإسناد حسن " .
قال الله تعالى { وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون. لتستووا علي ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. وإنا إلي ربنا لمنقلبون } " الزخرف: 12،14 " .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى علي بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ، وإنا إلي ربنا لمنقلبون ، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضي ، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد . وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون " رواه مسلم " .
وعن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، والحور بعد الكون ، ودعوة المظلوم ، وسوء المنظر في الأهل والمال " رواه مسلم " .
وعن علي بن ربيعة قال: شهدت علي بن أبي طالب رضي الله عنه أتي بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله ، فلما استوي علي ظهرها قال: الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ، وإنا إلي ربنا لمنقلبون ثم قال: الحمد الله ثلاث مرات ثم قال: الله اكبر ثلاث مرات ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم ضحك ، فقيل: يا أمير المؤمنين من أي شئ ضحكت؟ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت ثم ضحك ، فقلت: يا رسول الله من أي شئ ضحكت؟ قال: إن ربك سبحانه يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن " .
@ باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأودية ونحوها والنهي عن المبالغة برفع الصوت بالتكبير ونحوه@
عن جابر رضي الله عنه قال: كنا إذا صعدنا كبرنا ، وإذا نزلنا سبحنا " رواه البخاري " .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه إذا علو الثنايا كبروا ، وإذا هبطوا سبحوا " رواه أبو داود بإسناد صحيح " .
وعنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من الحج أو العمرة كلما أوفى علي ثنيه أو فدفد كبر ثلاثاً ثم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده متفق عليه " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله!! إني أريد أن أسافر فأوصني قال: عليك بتقوى الله، والتكبيرعلي كل شرف فلما ولى الرجل قال: اللهم اطو له البعد ، وهون عليه السفر " رواه الترمذي وقال حديث حسن " .
وعن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس أربعوا عل أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً ، إنه معكم ، إنه سميع قريب " متفق عليه " .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده " رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن " .
@ باب ما يدعو إذا خاف ناساً أو غيرهم @عن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله كان إذا خاف قوماً قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم ، ونعوذ بك من شرورهم " رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح " .
عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتي يرتحل من منزله ذلك " رواه مسلم " .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال: يا أرض ، ربي وربك الله ، أعوذ بك من شرك وشر ما فيك ، وشر ما خلق فيك ، وشر ما يدب عليك أعوذ بالله من شر أسد وأسود ، ومن الحية والعقرب ، ومن ساكن البلد ، ومن والد وما ولد " رواه أبو داود " .
@ باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضي حاجته @
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه ، فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره ، فليعجل إلى أهله " متفق عليه - 16 " .
فيه حديث ابن عمر السابق في باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا
وعن أنس رضي الله عنه قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، حتي إذ كنا بظهر المدينة ، قال: آيبون ، تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون . فلم يزل يقول ذلك حتي قدمنا المدينة " رواه مسلم " .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها " متفق عليه " .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقال له رجل: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: انطلق فحج مع امرأتك " متفق عليه " .
1- سفر بظاهر البدن عن الوطن . 2- وسفر بسير القلب عن أسفل سافلين إلى ملكوت السماوات .
وهذا أشرف السفرين ، فإن الواقف على الحالة التى نشأ عليها عقيب الولادة ، الجامد على ما تلقفه بالتقليد من الآباء ، لازم درجة القصور ، قانع برتبة النقص ، ومستبدل بمتسع عرضه السماوات والأرض ظلمة السجن وضيق الحبس .
ولم أرى فى عيوب الناس شيئاً كنقص القادرين على التمام إلا أن هذا السفر لما كان مقتحمه فى خطر خطير ، اندرست مسالكه .
فأما سفر البدن: فهو أقسام ، وله فوائد وآفات عظيمة ، فإنه يضاهي النظر فى العزلة والمخالطة ، وقد ذكرنا منهاج ذلك . فالفوائد الباعثة عليه لا تخلو من هرب أو طلب ، فالهرب إما من أمر له نكاية فى الأمور الدنيوية ، كالطاعون إذا ظهر ببلد ، أو كخوف فتنة وخصومة ، أو غلاء سعر .
وإما أمر له نكاية فى الدين ، كمن ابتلى فى بلده بجاه أو مال أو اتساع أسباب ، فصده عن التجرد لله تعالى ، فيؤثر الغربة والخمول ويجتنب السعة والجاه ، وكمن يُدعى إلى بدعة أو إلى ولاية عمل لا تحل مباشرته ، فيطلب الفرار منه .
وأما المطلوب ، فهو إما دنيوى كالمال والجاه ، أو دينى كالعلم بأمور دينه ، أو بأخلاقه فى نفسه ، أو بآيات الله فى أرضه ، وقلّ مذكور بالعلم محصل من زمان الصحابة رضى الله عنهم إلى زمانناً إلا وحصل العلم بالسفر وسافر لأجله .
وأما علمه بنفسه وأخلاقه ، فذلك أيضاً مهم ، فإن سلوك الآخرة لا يمكن إلا بتحسين الخلق وتهذيبه ، وإنما سمى السفر سفراً ، أنه يسفر عن الأخلاق ، وفى الجملة فالنفس فى الوطن لا تظهر خبائث أخلاقهم لاستئناسها بما يوافق طبعها من المألوفات المعهودة ، فإذا حملت وعثاء السفر ، وصرفت عن مألوفاتها المعتادة ، ولامتحنت بمشاق الغربة ، انكشفت غوائلها ، ووقع الوقوف على عيوبها ، وأما آيات الله فى أرضه ، ففى مشاهدتها فوائد للمستبصر:
ففيها قطع متجاورات ، وفيها الجبال والبرارى والقفار والبحار ، وأنواع الحيوان والنبات ، وما من شئ إلا وهو شاهد لله بالوحدانية ، ومسبح بلسان ذلق لا يدركه إلا من ألقى السمع وهو شهيد .
وإنما نعنى بالسمع : سمع الباطن ، فبه يدرك نطق لسان الحال ، وما من ذرة فى السماوات والأرض إلا ولها أنواع شاهدات لله سبحانه بالوحدانية ، وقد ذكرنا أن فوائد السفر الهرب من الولاية والجاه وكثرة العلائق ، لأن الدين لا يتم إلا بقلب فارغ عن غير الله ، ولا يتصور فراغ القلب فى الدنيا عن مهمات الدنيا والحاجات الضرورية، ولكن يتصور تخفيفها وتقليلها ، وقد نجا المخفون وهلك المثقلون ، والمخف الذى ليست الدنيا أكبر همه .