خبراء خليجيون يطالبون بدور قيادي ويحذرون من شراء الديون المتعثرة
عيون الأوروبيين والأمريكان على فوائض النفط الخليجية ترغيبا وترهيبا
</IMG> |
جاب عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين العواصم الخليجية على مدى الأيام القليلة الماضية، بهدف دفعها للمساهمة المالية في مساعدة الدول والمؤسسات التي تضررت من الأزمة المالية العالمية، وبدت عيون وأفواه المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين مفتوحة على اتساعها على الفوائض التي حققتها الدول الخليجية من عائدات النفط الذي سجلت أسعاره ارتفاعات كبيرة خلال الشهور الماضية قاربت 150 دولارا للبرميل، قبل أن تتراجع خلال الأيام الماضية بعد الأزمة المالية إلى 65 دولارا فقط للبرميل.
وتأتي جولة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون للمنطقة، والتي بدأها بالسعودية أمس الأحد عقب زيارة لوزيرة التجارة الخارجية الفرنسية جان ماري إيدراك للعواصم الخليجية أيام 20-22 أكتوبر/تشرين الثاني المنصرم، ثم زيارة لنائب وزير المالية الأمريكي روبرت كيمبت للمنطقة في الأسبوع الأخير من أكتوبر، ورغم أن مسؤولين خليجيين ردوا بشكل غير مباشر على هذه المطالب الأمريكية الأوروبية، حيث صرح وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي أن الاستثمار في الأسواق العالمية مرتبط أساسا بالعوائد على هذه الاستثمارات؛ إلا أن خبراء خليجيين أكدوا أن الحكومات الخليجية اشترت بالفعل عبر صناديقها السيادية المزيد من سندات الخزانة الأمريكية وحتى أصول أمريكية بعد تفجر الأزمة المالية، مشيرين أيضا إلى شراء مستثمرين خليجيين كبار لحصة في بنك باركليز البريطاني لمساعدته في مواجهة الأزمة.
وأجرى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمس الأحد 2-11-2008 محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الذي بدأ جولته الخليجية التي تستمر 4 أيام، انطلاقا من السعودية التي رأى براون أنها يمكن أن تقوم بدور مهم لتخفيف تأثيرات الأزمة المالية العالمية، وتخفيف معاناة الدول المحتاجة.
دور في القرار مقابل الدعموقال رئيس منظمة الخليج للاستشارات الصناعية أحمد خليل المطوع: إن التعاون الدولي مهم لإنقاذ الاقتصاد العالمي من الكساد الذي لن يقتصر على الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ولكنه سيطال دول الخليج أيضا، لكنه أوضح في حديث لـ"الأسواق.نت" أن الدعم الخليجي لا بد أن يقابله دور خليجي مناسب في اتخاذ القرارات في المؤسسات التي سيتم ضخ الأموال فيها لمراقبة حسن سير تلك الاستثمارات بعد أن كشفت الأزمة الأخيرة قصورا في حوكمة المؤسسات الأمريكية والأوروبية.
وأشار المطوع إلى أن الضغوط الغربية على الدول الخليجية بسبب فوائضها النفطية مسألة قديمة، ولكن الجديد هذه المرة أن الأزمة كبيرة وأن الأموال المطلوبة كبيرة، منبها إلى ضرورة الحذر الشديد من شراء الديون المتعثرة والبحث عن ديون أكثر ضمانا، ومشيرا إلى أن الاستثمارات الخليجية ستسهم بالفعل في إنقاذ بنك باركليز ومن قبله سيتي جروب، وهي مؤسسات كانت غير متاحة من قبل أمام الاستثمارات الخليجية.
وتحدث رئيس الوزراء البريطاني عن ضرورة دعم صندوق الإنقاذ التابع لصندوق النقد الدولي الذي تبلغ قيمته 250 مليار دولار، مشيرا إلى أن للدول الخليجية مصلحة في سوق نفطي مستقر، بديلا عن الاهتزاز الحالي لأسعار النفط صعودا وهبوطا، ومشيرا أيضا إلى أن الدول الخليجية لديها فوائض نفطية يمكن أن تساهم بها في مواجهة الأزمة المالية العالمية.
الجولات تؤكد عمق الأزمةوقال الخبير النفطي الكويتي حجاج بوخضور: إن هدف جولات المسؤولين الغربيين هو حفز الصناديق السيادية والاستثمارات الخليجية على لعب دور لإنقاذ المؤسسات الغربية المفلسة أو المتعثرة، ووصل هذا الحفز والتشجيع إلى درجة الإغواء بعد أن كانت الحكومات الغربية تضع المحاذير أمام استثمارات الصناديق السيادية.
وقال بوخضور في حديث لـ"الأسواق.نت": إن الجولات الخارجية السابقة للوفود الغربية على مدار عام كامل لم تستطع سوى جمع 150 مليار دولار من الدول الخليجية والصين وسنغافورة، والآن تأتي هذه الجولات الحالية بصيغة الإجبار وليس بصيغة الرجاء لجمع ما يمكن جمعه من أموال لمواجهة الأزمة المالية، مشيرا إلى أن هذه الجولات المتلاحقة هي دلالة على أن الأزمة المالية أكبر من طاقة الحكومات الغربية، وأنها تتطلب استجداء المساعدة من الخارج بالترغيب أو الترهيب.
وأشار بوخضور إلى أن زيارة براون تأتي نيابة عن الولايات المتحدة التي بدأت تفقد نفوذها في العالم، والذي كان يعتمد على قوتها الاقتصادية ومن ثم العسكرية، لكنها لا تريد أن تعطي إشارة سلبية على ضعفها.
وقال الخبير الكويتي: إن أحد مبررات جمع الأموال هو الوضع الأمني في المنطقة، ومطالبة الدول الخليجية أن تدفع مقابل الدفاع عنها في مواجهة بعض التهديدات المحيطة، مشيرا إلى أن الدعاية الأمريكية تقوم على أنه إذا اهتز الوضع المالي الداخلي الأمريكي فإن ذلك سينعكس سلبا على الاقتصاد العالمي وعلى الاستقرار الأمني العالمي والخليجي أيضا.
وأوضح أن الصناديق السيادية الخليجية التي تقدر بأكثر من 1.5 تريليون دولار ربما فقدت ما بين 30-405 من قيمتها نتيجة استثماراتها في السوقين الأمريكية والأوروبية، كما أوضح أن ضخ الأموال الخليجية في الاقتصادات الغربية ظل مستمرا بعد فبراير شباط 2007، وهو تاريخ بداية الأزمة، مشيرا إلى أحدث الأدوار الخليجية وهو ضخ 12 مليار دولار من قطر والإمارات لبنك باركليز البريطاني.
بين الاحتياجات المحلية والتعاون الدوليأما الخبير الاقتصادي السعودي الدكتور عبد العزيز الغدير فقد أشار إلى ضرورة الموازنة بين الاحتياجات التنموية الداخلية والتعاون الدولي، مشيرا إلى أن المشاريع المليارية الخليجية ستواجه مشكلة تمويل، سواء في السعودية أو دول الخليج الأخرى، وأن من الضروري تحديد احتياجات هذه المشاريع للموازنة بينها وبين التعاون الدولي.
وأشار الغدير في حديث لـ"الأسواق.نت" إلى أن توالي زيارات كبار المسؤولين الغربيين يؤكد جسامة الأزمة، مشيرا إلى أن الصناديق السيادية التي تستدعى الآن لمواجهة الأزمة كانت قبل شهرين فقط غير مرحب بها في الغرب، وموضحا في الوقت ذاته أن هناك دولا خليجية صغيرة تمتلك فوائض كبيرة يمكنها ضخ مزيد من الاستثمارات، بينما الدول الكبيرة مثل السعودية والتي لديها مشاريع تنموية عملاقة ليست مضطرة للاستثمار في الغرب.
من جهته قال عضو اللجنة المالية بمجلس النواب البحريني والخبير الاقتصادي الدكتور جاسم حسين: إن الفوائض النفطية الخليجية الضخمة فتحت شهية الحكومات الغربية، لكنه أبدى تفهما لتدخل الدول الخليجية وتحمل مسؤولياتها في مواجهة الأزمة العالمية بما تمتلكه من فوائض مالية؛ حيث إن من مصلحة الدول الخليجية أن يتحسن الاقتصاد العالمي حتى تعود أسعار النفط إلى التحسن، ويمكن بالتالي تمويل المشروعات الكبرى.
وقال جاسم حسن لـ"الأسواق.نت": إن التحركات الغربية تسبق القمة الاقتصادية العالمية في منتصف نوفمبر بمشاركة العاهل السعودي الملك عبد الله ممثلا للمجموعة العربية؛ حيث يعتقد أن هذه القمة ستكون دفعة قوية لإيجاد حل لأكبر أزمة مالية شهدها العالم منذ عقود.
وتوقع جاسم حسن حضور المزيد من الوفود العالمية بما فيها الصينية واليابانية إلى دول الخليج طلبا لاستثماراتها، مطالبا بأن تركز الاستثمارات الخليجية على القطاعات الواعدة وأن تراعي مصالحها في كل الأحوال.
وتأتي جولة براون ومن قبله نائب وزير الخزانة الأمريكي ووزيرة التجارة الخارجية الفرنسية قبل قمة استثنائية لرؤساء الدول الصناعية والناشئة تعقد في 15 نوفمبر/تشرين الثاني في واشنطن، وضم الوفد المصاحب لبراون وزير قطاع الأعمال لورد ماندلسون، ووزير الطاقة أد ميليباند، و27 من قيادات قطاع الصناعة يتقدمهم الرئيس التنفيذي لشركة "بريتيش بتروليوم" توني هيوارد، والرئيس التنفيذي لـ"رولز-رويس" جون روزو، ورئيس مجلس إدارة أنظمة "بي أي إي" ديك أوليفر.