السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
</IMG> |
استبعد مسؤولون تنفيذيون في عددٍ من وكالات السيارات بالسعودية، حدوث انخفاض ملحوظ في الأسعار خلال الأشهر القليلة القادمة، معللين ذلك بمجموعةٍ من المعطيات التي تجعل السوق المحلية أكثر تماسكًا من مثيلاتها في دول العالم الأخرى خلافًا لما يتردد بقوة في الشارع السعودي هذه الأيام.
فمع تفاعل الأزمة المالية خرج هذا القطاع الاقتصادي عن مساره المعتاد، مسجلاً تراجعًا مقلقًا على مستوى الإنتاج والمبيعات، وذلك ضمن أكبر ثلاثة معاقل لتصنيع وتسويق السيارات (الولايات المتحدة، أوروبا، اليابان)، ما استدعى من الأولى أن يخصص الكونغرس فيها قرضًا ميسرًا بمقدار 25 مليار دولار دعمًا لهذه الصناعة، أما الثانية فتبحث عبر مؤسسات اتحادها مطالب شركات السيارات بتقديم قروض تعادل 55 مليار دولار لنفس الهدف، بعد أن هبطت المبيعات في أوربا الغربية إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عامًا تقريبًا.
مواسم التسويقلكن واقع سوق السيارات في المملكة يبدو مغايرًا، تبعًا لوجهة نظر المشرفين على التسويق ومنهم مدير مبيعات فرع الرياض بشركة الجزيرة (وكلاء فورد)، ماهر بدر الذي يرى أن تأثر مبيعات السيارات حاليًا يأتي في سياقه الطبيعي، كوننا نمر بفترة ما بعد موسم رمضان الذي كان حصاده التسويقي جيدًا، موضحًا أن الأزمة الاقتصادية العالمية ربما تكون قد ضاعفت هذا التأثر.
وحول جزم معظم المستهلكين بهبوط شاقولي لأسعار السيارات في القريب العاجل، علق بدر: هذه الرؤية يجانبها الصواب لسببٍ واحد بسيط، وهو أننا ندفع قيمة طلبياتنا مقدمًا وقبل 6 أشهر من استلامها، أي أننا سددنا قيمة موديلات 2009 قبل تفاقم الأزمة وبالأسعار المعتادة، وبناء عليه فإن أي انخفاض معتبر في الأسعار لن يظهر للعيان قبل الربع الثالث من العام القادم، حيث يمكن أن تبرم طلبية النصف الثاني بأسعار تنافسية على ضوء ما يستجد من تطورات.
وبعيدًا عن الخوض في الأرقام أكد بدر أن "توكيلات الجزيرة" لم تلمس أي انخفاض في الطلب قياسًا إلى هذه الفترة من السنة، كما أنها لا تشتكي أي تكدس بل على العكس هناك مخزونات غير كافية من بعض الطرازات، وفق قوله.
مدير المبيعات بشركة الزاهد عمر حجول أشار بدوره إلى ما سماه اختلاف مواسم التسويق بين المملكة من جهة وبقية العالم لاسيما أوروبا وأمريكا من جهة أخرى، معربًا عن اعتقاده بأن أسواق الخليج ما تزال بعيدة عن عين الإعصار المالي.
عودة غير قويةودون الإفصاح عنها، بيّن حجول أن أرقام مبيعات العام الحالي متقاربة مع أرقام السنوات الماضية، مستخلصًا من ذلك "حجم المبالغة" في التحذير من ركود سوق السيارات داخل المملكة وبالتالي تهاوي أسعارها، رغم إقراره بانخفاض مبيعات مختلف الشركات في أنحاء متفرقة من العالم، خصوصًا اليابانية التي تراجعت بحوالي 30% في السوق الأمريكية.
وأصرَّ على أنه إذا حصل انخفاض في أثمان المركبات فسيكون في شكل تنزيلات على موديلات السنة الحالية مع قرب انتهائها، جريًا على عادة الوكالات في ترويج ما بقي عندها من مخزون، أما موديلات العام القادم فهي أعلى أسعارًا من سابقاتها.
وأضاف معاودًا التأكيد على كلامه: لا أعتقد بحدوث تعديلات جوهرية على أسعار أو أرقام مبيعات السيارات في السعودية، في المستقبل القريب جدًا.
وقلصت كبرى مصانع السيارات العالمية في الفترة الأخيرة إنتاجها بنسب متفاوتة، كما مضت قدمًا في تسريح الآلاف من عمالها ضمن خطط مبرمجة لضغط النفقات.
من جهته لفت عثمان العمودي مدير عام التسويق بشركة اليمني إلى أن ظروف الأشهر الماضية بالنسبة لسوق السيارات المحلية كانت شبه استثنائية، لأن فترة الإجازة جاءت أطول من المعتاد، وعليه لم تكن عودة الحركة قوية بالشكل المتوقع.
وبصورةٍ ضمنية اعترف العمودي أن الضبابية التي تحيط بمدى تأثر دول الخليج، والتضارب الحاصل في الإعلان عن المدة الزمنية التي قد تستغرقها الأزمة، هما سببان كافيان لإحداث جوٍ من التوجس وعدم الجزم بشأن ما ينتظر سوق السلع الاستهلاكية، ومن ضمنها السيارات.
وبناء عليه توقع أن تبقى سوق السيارات في المملكة محافظة على منحنى مستقر، لن تتخلله مؤشرات تحسن على الغالب، وقد يتبع ذلك تراجع في أسعار السيارات التجارية بما لا يتعدى 15% وسطيًا
تباين في المعارض
لكنه فرّق بين المنتج الياباني ونظيره الأمريكي، معتبرًا أن ارتفاع الين أمام الدولار ربما يرتب زيادات تصل إلى 50% على أسعار المركبات اليابانية، بعكس ما هو منتظر من الأمريكية، مع ضرورة التنبيه إلى أن سوق السيارات الباذخة تبقى محكومة بقوانين شبه خاصة بها.
وفيما يخص سوق السيارات المستعملة والمستوردة من الخارج مباشرة، قال خالد محمد مدير التسويق في شركة "البيان الجديد" إن هناك انخفاضًا مترقبًا في أسعار السيارات التي يستوردونها من الولايات المتحدة، قياسًا إلى حاجة بعض الأمريكيين لسداد ديونهم، عبر تأمين سيولة عاجلة من بيع سياراتهم.
ولم يخف محمد حقيقة تقلص المبيعات غير أنه قلل من شأن المسألة، نافيًا أن تكون الشركة قد أجرت أي تخفيضات على الأسعار السارية منذ ما قبل الأزمة.
وفي جولةٍ سريعة لـ"الأسواق نت" على بعض معارض السيارات في العاصمة الرياض، أجمع العملاء على تزايد الأقاويل التي تتكهن بهبوط كبير لأسعار السيارات، مترافقة في بعض الأحيان مع تحذيرات من الإقدام على الشراء في هذه الفترة "الحرجة".
وعن مدى تصديقه لهذه التكهنات، قال متعب العوهلي إنه غير مقتنع بتراجع حاد في أسعار السيارات في المملكة، لأن سوقها "ممسوكة من قبل تجار محترفين"، وإن زيارته لمعارض السيارات أكدت له صواب نظرته حيث لم يجد اختلافًا يذكر كما يدَّعي البعض.
وتدخل أحدهم دون أن يكشف اسمه، ليرمي تعليقًا عابرًا مفاده أن الانتظار في سبيل رخص السيارات شبيه بـ"عشم إبليس في الجنة"، وأن من يدفع 80 أو 100 ألف لن يتأثر بألف ريال زيادة أو نقصانًا.
غير إن عبد الله شويعي كان له رأي مخالف، مؤكدًا أن بوادر التراجع السعري بدأت تظهر لدى البعض، فيما لايزال آخرون متمسكون بأسعارهم وربما زادوا عليها، ومن هنا فإن زيارة معرض أو اثنين غير كافية للحكم على واقع السوق بدقة.
وتأتي المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول العربية في مبيعات السيارات، باستحواذها على سوق يرفع البعض حجمها إلى قرابة 8 مليارات دولار، فيما يقدر عدد المركبات السائرة على طرقات البلاد بما يزيد على 4 ملايين.