عدد الرسائل : 1242 العمر : 36 الموقع : مدينة جــدة العمل/الترفيه : مدير برج الزقزوق للأعمال المزاج : الحمد لله مزاجي : تاريخ التسجيل : 23/04/2011
موضوع: تعلم كيف تصنع الأحلام والأمنيات الأربعاء سبتمبر 14, 2011 8:49 am
تعلم كيف تصنع الأحلام والأمنيات
الدكتور علي الحمادي
من يود المساهمة في حركة التأثير لا بد له من أن يخلو بنفسه، و أن يتخيل له مستقبلاً باهراً، و أن يتمنى أمنيات غير تقليدية، وأن يحلم في واقع أفضل، ذلك أن حقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد. أن تكون لك أمنية أو حلم تعيشه وتتمناه وتهيم فيه وتؤمن به وتراه في اليقظة والمنام وتحادث نفسك به في الليل والنهار، أن يكون لك ذلك لهو الأساس أو المنطلق الذي ....
تنطلق منه عملية التأثير في الحياة.
لقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أهمية الأمنيات وأثرها البالغ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى فإنه لا يدري ما يكتب له".
• الأمنية خلاصة تجمعُ الإيمان و الهمة و المقدرة بل هي اختبارٌ لكلِّ ذلك:
وقد تحدى الله تعالى اليهود بالأمنيات فقال: (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ () وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (الجمعة:6-7).
ويقول تعالى في بني إسرائيل: قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ () وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (سورة البقرة: 94 - 95).
• الأماني بذور العمل فلتنظر ماذا تزرع لنفسك و كيف تزرع:
ومن خطورة الأمنية أنها سلاح من أسلحة الشيطان حيث يقول تعالى ذاكراً مقولة الشيطان: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً () يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً) (النساء:120).
كما أن الأمنية تقوم مقام النية وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبوكبشة الأنماري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر، رجل آتاه الله مالاً وعلماً فهو يعمل به في ماله وينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول: لو كان لي مثل مال هذا عملت فيه مثل الذي يعمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الأجر سواء. ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يتخبط فيه ينفقه في غير حقه،ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو كان لي مثل مال هذا عملت فيه مثل الذي يعمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الوزر سواء".
• الأمنياتُ الكبيرة هي ظلالٌ هائلة ترسمها إضاءات الطموحات السامية:
لقد تمنى النبي صلى الله عليه وسلم أمنية عجيبة فقال: "والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا".
وجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع بعض أصحابه في مجلس من مجالس الأحلام والآمال السامية فقال لهم: تمنوا. فقال أحدهم: أتمنى أن يكون لي ملء هذا الوادي ذهباً فأنفقه في سبيل الله، وقال الآخر: أتمنى أن يكون عندي ملء هذا الوادي خيلاً أتصدق بها في سبيل الله، فقال عمر رضي الله عنه: أتمنى أن يكون عندي ملء هذه الغرفة رجالاً كأبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة.
• و أصحاب النفوس الكبيرة يتمنَّون بعقولهم و بإيمانهم و ليس بشهواتهم:
يقول الدكتور يوسف القرضاوي معلقاً على الرواية السابقة: رحم الله عمر الملهم، لقد كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقة، وتنهض به الرسالات الكبيرة، وتحيا به الأمم الهامدة. إن الأمم والرسالات تحتاج إلى المعادن المذخورة، والثروات المنشورة، ولكنها تحتاج قبل ذلك إلى الرؤوس المفكرة التي تستغلها، والقلوب الكبيرة التي ترعاها، والعزائم القوية التي تنفذها، إنها تحتاج إلى الرجال. الرجل أعز من كل معدن نفيس، وأغلى من كل جوهر ثمين، ولذلك كان وجوده عزيزاً في دنيا الناس، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة".
• الرجل الكفء الصالح هو أكسير الحياة، وروح النهضات، وعماد الرسالات، ومحور الإصلاح:
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي يوماً: أوصني يا أبه، فقال: يا بني، انوِ الخير، فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير.
وكانت أم سفيان الثوري تقول لسفيان: " يا بني، لا تتعلم العلم إلا إذا نويت العمل به، وإلا فهو وبال عليك يوم القيامة".
وانظر كذلك إلى أمنية الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه والد جابر بن عبد الله رضي الله عنه، حيث يقول جابر رضي الله عنه: لما قُتل عبد الله بن عمرو بن حَرام يوم أحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا جابر! ألا أخبرك ما قال الله عز وجل لأبيك؟" قلت: بلى، قال: "ما كلّم الله أحداً إلا من وراء حجاب، وكلّم أباك كفاحاً، فقال: يا عبدي تمنّ علي أعطك، قال: يا رب! تحييني فأُقتل فيك ثانية، قال: إنه سبق مني: أنهم إليها لا يُرجعون، قال: يا ربَ! فأبلغ مَن ورائي" فأنزل الله عز وجل هذه الآية: (وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً ) ( آل عمران: من الآية 169).
• لماذا أتمنى؟... لأن الأمنيات مصابيح الطريق المظلم و زادُ الرحلة الطويلة: يقول أردشير: الأيام صحائف آمالكم، فخلدوا فيها أحسن أعمالكم.
ويقول لانفستون هيوز: تمسك جيداً بأحلامك، فإذا ماتت الأحلام باتت الحياة طائراً بلا جناحين مقيداً على الأرض.
ويقول أرسطو: إذا ضاع الأمل فإننا نكون فقدنا كل شيء.
ويقول المثل الإنجليزي: لولا الأمل لانفطر الفؤاد.
• والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: لماذا أتمنى؟ وجواب ذلك يكمن في مسائل عدة أهمها:
1) الإنسان في تطلع دائم إلى ما هو أفضل وأحسن، ولذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يهرم ابن آدم ويشب معه اثنان، الحرص على المال والحرص على العمر".
• ويقول إسحاق بن خليل: لولا مواعيد آمال أعيش بها لمِتُّ يا أهل هذا الحي من زمن.
2) التمني يظهر ما في النفس من علو أو هبوط، ومن صلاح أو فساد، فقل لي ماذا تتمنى أقل لك من أنت، فالقلوب الطاهرة والنفوس العالية تتمنى الخير للناس جميعاً، فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنه يقول: "إن فيّ ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله فلوددت أن جميع الناس يعلمون ما أعلم، و إني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح ولعلي لا أقاضي إليه أبداً، و إني لأسمع الغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين، فأفرح وما لي به سائمة".
• أجل الأمنيات بذور... و لكنها لا تصبح أشجاراً عظيمةً مثمرة إلاَّ في النفوس العظيمة و برعاية المعلِّم العظيم: وفي هذا المقام يتساءل العلامة المرحوم أبو الحسن الندوي رحمه الله: كيف حوّل النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً من شخصيات الجاهلية (الخام) إلى أبطال ورواد في التاريخ، يتطلعون إلى الأحلام والأمنيات العالية، فيطرح السؤال بالصيغة التالية: كيف حوّل النبي صلى الله عليه وسلم خامات الجاهلية إلى عجائب الإنسانية؟
فيجيب الندوي قائلاً: بهذا الإيمان الواسع العميق، والتعليم النبوي المتقن، وبهذه التربية الحكيمة الدقيقة، وبشخصيته الفذة، وبفضل هذا الكتاب السماوي المعجز الذي لا تنقضي عجائبه، ولا تَخلق جدته، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنسانية المحتضرة حياة جديدة.
عمد إلى الذخائر البشرية وهي أكداس من المواد الخام لا يعرف أحد غناءها، ولا يعرف محلها وقد أضاعتها الجاهلية والكفر والإخلاد إلى الأرض، فأوجد فيها بإذن الله الإيمان والعقيدة، وبعث فيها الروح الجديدة، وأثار من دفائنها وأشعل مواهبها، ثم وضع كل واحد في محله، فكأنما خُلق له، وكأنما كان المكان شاغراً لم يزل ينتظره ويتطلع إليه، وكأنما كان جماداً فتحول جسماً نامياً وإنساناً متصرفاً.
وكأنما كان ميتاً لا يتحرك فعاد حياً يملي على العالم إرادته، وكأنما كان أعمى لا يبصر الطريق فأصبح قائداً بصيراً يقود الأمم: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَات (الأنعام: من الآية 122)
• نماذج من نبات النفوس الطيبة بعد أن وقع عليها ماء السماء و حرَّكها نحو تحقيق أمنياتها:
يقول العلامة الندوي رحمه الله تعالى: لقد عمد رسول الله صلى الله عليه و سلَّم إلى الأمة العربية الضائعة وإلى أناس من غيرها فما لبث العالم أن رأى منهم نوابغ كانوا من عجائب الدهر وسوانح التاريخ، فأصبح عمر الذي كان يرعى الإبل لأبيه الخطاب وينهره، وكان من أوساط قريش جلادة وصرامة، ولا يتبوأ منها المكانة العليا، ولا يحسب له أقرانه حساباً كبيراً، إذا به يفجأ العالم بعبقريته وعصاميته، ويدحر كسرى وقيصر عن عروشهما، ويؤسس دولة إسلامية تجمع بين ممتلكاتهما وتفوقهما في الإدارة وحسن النظام فضلاً عن الورع والتقوى والعدل الذي لا يزال فيه المثل السائر.
وهذا ابن الوليد الذي كان أحد فرسان قريش الشبان انحصرت كفاءته الحربية في نطاق محلي ضيق، يستعين به رؤساء قريش في المعارك القبلية فينال ثقتهم وثناءهم، ولم يحرز الشهرة الفائقة في نواحي الجزيرة، إذ به يلمع سيفاً إلهياً لا يقوم له شيء إلا حصده، وينزل كصاعقة على الروم ويترك ذكراً خالداً في التاريخ.
وهذا أبو عبيدة كان موصوفاً بالصلاح والأمانة والرفق، فإذا به يقود سرايا المسلمين، ويتولى القيادة العظمى للمسلمين، ويطرد هرقل من ربوع الشام ومروجها الخضراء، فيلقي هرقل عليها نظرة الوداع ويقول: سلام على سورية، سلاماً لا لقاء بعده.
وهذا عمرو بن العاص كان يُعَدُّ من عقلاء قريش، وكانت ترسله في سفارتها إلى الحبشة لتسترد المهاجرين المسلمين فيرجع خائباً، إذا به يفتح مصر وتصير له صولة عظيمة.
وهذا سعد بن أبي وقاص لم نسمع به في التاريخ العربي قبل الإسلام كقائد جيش ورئيس كتيبة، إذا به يتقلد مفاتيح المدائن، وينيط باسمه فتح العراق وإيران.
وهذا سلمان الفارسي كان ابن موبذان في إحدى قرى فارس، لم يزل يتنقل من رق إلى رق، ومن قسوة إلى قسوة، إذا به يطلع على أمته كحاكم لعاصمة الإمبراطورية الفارسية التي كان بالأمس أحد رعاياها، وأعجب من ذلك أن هذه الوظيفة لا تغير من زهادته وتقشفه، فيراه الناس يسكن في كوخ ويحمل على رأسه الأثقال.
وهذا بلال الحبشي يبلغ من فضله وصلاحه مبلغاً يلقبه فيه أمير المؤمنين بالسيد.
• بالأماني الكبيرة و بالمآثر العظيمة ترتقي مراتب الرجال:
وهذا سالم مولى أبي حذيفة يرى فيه عمر موضعاً للخلافة فيقول: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لاستخلفته.
وهذا زيد بن حارثة (وقد كان مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم) يقود إلى مؤتة جيش المسلمين الذي فيه مثل جعفر بن أبي طالب وخالد بن الوليد، ويقود ابنه أسامة جيشاً فيه مثل أبي بكر و عمر.
و هذا أبو ذر، والمقداد، و أبو الدرداء، و عمار بن ياسر، و معاذ بن جبل، و أبي بن كعب، تهب عليهم نفحة من نفحات الإسلام، فيصبحون من الزهاد المعدودين، والعلماء الراسخين.
وهذا علي بن أبي طالب، وعائشة، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس، قد أصبحوا في أحضان النبي الأمي صلى الله عليه وسلم من علماء العالم، يتفجر العلم من جوانبهم، وتنطق الحكمة على لسانهم، أبرّ الناس قلوباً، وأعمقهم علماً، وأقلهم تكلفاً، يتكلمون فينصت الزمان، ويخطبون فيسجل قلم التاريخ.
• أجل الأماني بذور النجاح و لكنَّ العملَ و الاجتهاد هما ماؤها و غذاؤها :
ومن الأهمية هنا أن ندرك كذلك أن الأمنيات والأحلام ليست نهاية المطاف، بل هي بداية الطريق، ولذا ينبغي أن يتبعها عمل وجد واجتهاد، وإلا فإنَّ هذه الأمنيات لن تعدوَ أن تكونَ مخدِّراتٍ لا خير فيها.
ولذا يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لابنه الحسين رضي الله عنه: "إياك والاتكال على المنى فإنها بضائع النوكى".
ويقول فرانسيس بيكون: الأمل إفطار جيد، لكنه عشاء سيء.
ويقول المثل التركي: من يتكل على الأمل يمت جوعاً.
كما ويحسن بالمرء أن يبادر في الاهتمام بأمنياته وأحلامه، وأن يرفع من قيمتها إذا ما أراد صناعة التأثير وهندسة الحياة، وذلك حتى لا يمضي الوقت وتمر الأيام وينقضي العمر وعندها يعض أصابع الندم على ما فات، ويتمنى أن يفعل شيئاً مؤثراً ولكن يوم لا ينفع الندم ولا تجدي الأمنية.
• عجوز تمنت أن تكون صبية وقد نحل الجنبان واحدودب الظهر.. فسارت إلى العطار تبغي شبابها وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر.
إذا تمنيت فبادر الآن و تمنَّ ما يسرك غداً و تمنَّ ما يرضي الخالق و ليس ما يرضي النفس والشيطان: لما احتضر الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان سمع غسالاً يغسل الثياب، فقال: ما هذا؟ قالوا: غسال، فقال: يا ليتني كنت غسالاً أكسب ما أعيش به يوماً بيوم، ولم ألِ الخلافة، ثم قال:
لعمري لقد عمرت في الملك برهة ودانت لي الدنيا بوقع البواتر وأعطيت حمر المال والحكمَ والنهى ولي سلَّمت كل الملوك الجبابر فأضحى الذي قد كان مما يسرني كحلم مضى في المزمنات الغوابر فيا ليتني لم أعن بالملك ليلة ولم أسع في لذَّات عيش نواضر
وهذا التابعي الجليل يونس بن عبيد، الذي لقي أنس بن مالك رضي الله عنه، لما كان على فراش الموت بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: قدماي لم تغبر في سبيل الله عز وجل.
واستمع الآن إلى ما سطره كتاب الله تعالى من حال أولئك الذين فرّطوا في دنياهم وأخروا الأمنيات السامية إلى يوم لا يجدون لها نفعاً ولا يرجون لها ثواباً.
قال قتادة معلقاً على هذه الآية: "والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة، ولا بأن يجمع الدنيا ويقضي الشهوات، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله عز وجل، فرحم الله امرءاً عمل فيما يتمناه الكافر إذ يرى العذاب".