عدد الرسائل : 1242 العمر : 36 الموقع : مدينة جــدة العمل/الترفيه : مدير برج الزقزوق للأعمال المزاج : الحمد لله مزاجي : تاريخ التسجيل : 23/04/2011
موضوع: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا السبت يوليو 02, 2011 8:40 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فقد أمرت الشريعة بالاعتصام، ورغبت فيه، ونهت عن الفرقة، ورهبت عنها، وفيما يلي تفصيل ذلك..
الأمر بالاعتصام:
قال تعالى: }وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا{ (آل عمران/103). قال ابن مسعود رضي الله عنه : "حبل الله الجماعة"([1]). وممن قال بهذا ابن المبارك رحمه الله.
الترغيب في الجماعة: الجماعة نعمة؛ فإن الله امتن بها على الصحابة: قال تعالى: }هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ* وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{ (الأنفال/62-63).
والجماعة رحمة:
وفي ذلك يقول سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الجماعة رحمة» رواه أحمد.
ووجه الدلالة من الآية الكريمة: أنها دالة على حجية الإجماع، فإذا كان المؤمنون مأمورين برد الأمر إلى الله ورسوله حال النزاع فمفهوم ذلك أن إجماعهم لا يرد إليهما لكونه حجةً.
قال صلى الله عليه وسلم: «أفشوا السلام؛ كي تعلوا» رواه ابن حبان. وذلك لأن التسليم إذا فشا في أوساطنا وكان سمةً لمجتمعنا حلّ الود بيننا، وحطت الألفة رحلها في ساحتنا، فكنا يداً واحدةً، وكان الظهور لنا، والغلبة معنا.
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً --- وإذا افترقن تكسرت آحاداً
وبالجماعة ينال عون الله:
قال صلى الله عليه وسلم: «يد الله مع الجماعة» رواه الترمذي. والمعنى: أن الله يؤيد بعونه الجماعةَ التي تعتصم بحبله.
وبالجماعة يُغاظ الكافرون:
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنهم –اليهود-لا يحسُدونا على شيءٍ كما يحسُدونا على يومِ الجمعة التي هدانا الله لها وضلُّوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين» رواه أحمد في المسند.
والذي يجمع بين هذه الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم كونها تبين وحدة المسلمين وتجسدها، ولهذا حسدونا على ذلك.
وتأمل هذا المثل الذي ضربه نبينا صلى الله عليه وسلم؛ عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى» متفق عليه.
والتواد: بذل أسباب المحبة كالزيارة. والتراحم: يكون بالقلب. والتعاطف: الوقوف بجانبهم عند النكبات.
وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً» وشبَّكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ.
وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، ويَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ» رواه أحمد وأبو داود.
وقوله: «وهم يد»؛ هم: ضمير منفصل يدل على الجمع، ويد: لفظ مفرد، فهذه جملة تدل على التماسك العظيم الذي ينبغي أن يكون عليه المسلمون. وقال الله تعالى: }وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ{ (الأنفال : 73)، ومعنى الآية: أن الكفار ينصر بعضهم بعضاً، ونحن إذا لن تحل هذه النصرة بيننا ساد الفساد، قال ابن كثير رحمه الله([2]):" أي: إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين، وإلا وقعت الفتنة في الناس، وهو التباس الأمر، واختلاط المؤمن بالكافر، فيقع بين الناس فساد منتشر طويل عريض".