بين الموهبة والتميز

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم



يظل تكاثر البشر وقلة الفرص المتاحة, نمت روح التنافس وبدأت تظهر بعض المصطلحات التي ندر استخدامها في العقد الماضي من الزمان. بدأ الإنسان في البحث في ثنايا نفسه للبحث عن جوانب من الممكن تميزه بها عن غيره فبدأ كبار السن يعرفون عن أنفسهم من خلال سيرهم الذاتية التي تظهر جوانب من التفوق والإنجاز والخبرة في أمور الحياة. كل ذلك حتى يحظى بفرصة أفضل منافساً لأقرانه أو نظرائه.

وفي ظل قلة الفرص للتعليم ما بعد الثانوي أو الجامعي, انتقلت هذه الأمور إلى الجوانب التربوية لدى الوالدين حتى يستطيعوا تأهيل أبنائهم كي ينافسوا من هم معهم على مقاعد الدراسة. فبدأت تظهر مصطلحات تعبر عن مدى القوى والطاقات الذهنية لدى هؤلاء الأبناء, فمثلً هذا موهوب وهذا ذكي وهذا متفوق وغيرها من الكلمات التي ترمز لطاقة ذهنية عالية. كمعرفة الابن لشيء عجز أقرانه عن معرفته أو معرفته الجيدة بالحاسب وغيره من جوانب التقنية الحديثة أطلق عليه لفظ فلان موهوب أو غير ذلك من الألفاظ. فأصبح الكلام عن الموهوبين ظاهرة المجتمع سواءً بين أورقة مؤسسات التعليم ورجاله أو عامة الناس.
مما حد بالمؤسسات التعليمية القيام ببرامج خاصة لهذه الطبقة من الأبناء من ملتقيات صيفية وورش عمل مختلفة....

وبقي السؤال كيفية التحديد لهذه الفئة وطريقة اختيارها وتصنيفها عن باقي الطلاب. فكان من الضروري رفع مستوى الوعي لمعرفة هذه الفئة من قبل المدرسين أو الوالدين أو من يقوم بالعملية التربوية.

حتى أصبحت التسمية لغير هذه الفئة بغير الموهوبين أو فلان ليس موهوباً كأنها وصمت عار أو نهاية الطريق للآخرين.
فكانت الحاجة لمثل هذه المواضيع لتتيح الفرصة للجميع ليعرفوا مصطلحاً آخر ومضمار آخر وهو التميز.


في هذا الطرح سوف نتطرق للموهوبين ومعرفة من هم وما هي خصالهم وإيضاح الحقيقة لهذه الفئة ومعرفة طرق اختيارها وتحديدها. ثم إلقاء الضوء على الطريق المتاح للجميع ألا وهو طريق التميز. لذا كان العنوان "بين الموهبة والتميز".

الموهوب:
"كان الأب يتجه مع أولاده للسوق وفجأة سأله الابن: بابا إذا لم يكن هناك هواء في الفضاء كيف ستتم عملية الاحتراق على سطح الشمس؟
أجاب الأب: التفاعل النووي لا يحتاج إلى أكسجين.
فرد الولد بعفوية: أو نسيت كلامك صحيح."
هذا الطفل عمره أربع سنوات

هو إنسان:
1ـ ذو أداء وإنجاز وقدرات عالية مقارنة بغيره ممن هم في مثل عمره وخبراتهم وبيئتهم.
2ـ يظهر ذكاءً حاداً وعبقرية في أكثر من مجال يفوق عمره بسنوات.
3ـ يظهر قدرة فكرية وإبداعية أو فنية ومهارات قيادية مع التميز في بعض الجوانب الأكاديمية.
4ـ دائماً يطالب بخدمات أو أنشط ة غير تقليدية.

من أين تأتي الموهبة:
تأتي الموهبة عن طريقين أحدهما الوراثة وهي الصفات والخصال التي يرثها الإنسان عن والديه أو أجداده. والآخر عن طريق التنشئة والتربية من خلال الاحتكاك اليومي بالناس والأشياء التي من حوله. لذا لا يستطيع الإنسان أن يغير شيئاً ما عن الجزء الوراثي ولكن يستطيع التأثير في الجانب التربوي.

مثلاً: يستطيع الوالدان قضاء وقت أطول مع أبنائهم في التعلم والاستكشاف واللعب والقراءة وتقليل أوقات التلفاز واللعاب الكمبيوتر. بحيث تساعده هذه الأوقات والتجارب على إثراء الجانب المعرفي ولتحصيلي لدى الابن في التعمق في المواضيع التي تثير وانتباهه اهتمامه.

كيف نميز الموهوب ونتعرف عليه؟
عادة تستخدم إحدى الطرق التالية لتحديد المتميزين في المراحل التعليمية المختلفة:

* اختبارات الذكاء المعروفة بمقياس الذكاء أو IQ Tests
والملاحظ على هذه الاختبارات أنها تفشل في تحديد الموهوب الذي لا يجيد القراءة.
* اختبارات الأداء المعيارية. وهي لقياس ما يعرفه الإنسان وما يستطيع عمله.
* اختبارات الإبداع.
* الدرجات الدراسية (التحصيل الأكاديمي).
* ملاحظات المعلمين والمربين. غالباً ما يختار المطيع والمجتهد أو المفضل لدى المعلم مع العلم ان معظم الموهوبين ليسوا من المفضلين لدى المعلمين.
* توصيات الوالدين وملاحظاتهما. ويعتبرا بحق هم الخبراء في هذا المضمار.

ويفضل أن تستخدم أكثر من وسيلة وطريقة لدقة تحديد الموهوبين, فمثلاً في البرامج ذات التركيز الأكاديمي لا يتطلب استخدام اختبارات الإبداع مثلاً. والبرامج التي تتطلب كثير من الأعمال اليدوية والإبداعية نجد أن اختبارات مقياس الذكاء
IQ غير مناسبة ولا تستخرج لك الأشخاص المناسبين.
ونسبة هؤلاء الموهوبين المحددين من خلال اختبارات مقياس الذكاء يكونون عادة : 1000 لذا نجد ان هذه النسبة تقريباً تخرج الكثير منا من دائرة الموهوبين وتضيق الخناق على فئة محدودة وضيقة.

تتميز هذه الشريحة من الناس بمجموعة صفات تكون جلية للعيان فيهم وهذه الصفات تساعد من يهتم بمعرفة الموهوبين لتوجيههم ومساعدتهم في بناء مستقبل زاهر لهم ولأمتهم.

1/ أنهم أذكياء جداً:
حيث تعتبر هذه الصفة من أكثر الأمور وروداً إلى الذهن عند ذكر الموهوبين

• يتشربون الأفكار الجديدة والمفاهيم الصعبة بسهولة.
• يفهمون الأشياء بصورة أكثر عمقاً ممن هم في مثل سنهم.
• يبدعون بأفكار جديدة.
• يحفظون بسهولة الأرقام والتواريخ والأسماء.
• يبدعون بأفكار جديدة.
• يتميزون بذاكرة قوية جداً.
• يتعلمون كل جديدة بصورة أسرع ممن هم في سنهم.
• مغرمون بالتعلم " ليس بالضرورة على طريقة التعلم المدرسي"
• يستمتعون بألعاب التحدي بشكل كبير.
• يصادقون من هم أكبر منهم سناً.
• يستمتعون بقراءة الكتب والألعاب والأنشطة المخصصة لمن هم أكبر منهم سناً.

2/ متكلمين بارعين:
وتعتبر هذه من أبرز الصفات لديهم لذا نجد أنهم في طفولتهم يعرفون من الكلمات ما لم يخطر ببالك أنهم يعرفونها

• يتكلمون في مرحلة سنية مبكرة جداً.
• يتجاوزون الأفكار اللغوية والقواعدية.
• يتلفظون بالكلمات بصورة صحيحة منذ البداية.
• يستخدمون روابط لغوية عالية الاستخدام مثل بالرغم من .. ونتيجة لذلك...
• يحفظون الشعر والقصص ويستمتعون بقراءتها.
• يبدؤون القراءة مبكراً جداً.
• يلعبون بالكلمات.
• يعطون إجابات معقدة لأسئلة سهلة.
• ينسجون القصص بكل براعة من مخيلتهم.

3/ يتميزون بحب استطلاع شديد:
ان هؤلاء الموهوبين أصحاب القدرات الذهنية الخارقة لديهم فضول شديد ويمتلكهم حب استطلاع شديد. وإذا أضيف على ذلك تمكن لغوي قوي تجد أنه يستخدم هذه الملكات لإشباع الفضول لديه. لذا تجدهم يريدون معرفة كل شيء, وكل شيء عن شيء محدد, ولا تجدهم يحرجون في سبيل ذلك والسؤال عنه. وفي بعض الأوقات يكون هذا الحب الشديد للاستطلاع مكان حرج لوالديهم أو مدريسيهم أو زملائهم. وقد تجد هذه الصفات لديه

• يسألون بكثرة ـ السؤال تلو الآخر.
• يرغبون بمعرفة الأشياء والأفكار المجردة مثل الحب, العلاقات, المشاعر, العدالة, الزمن.
• يسألون اسألة قوية وحرجة.
• مستمعين جيدين ولكنهم يحللون ما يستمعون إليه (مما يعني أنه لا تنطلي عليهم الأمور لذا فكر قبل أن تعطيهم الإجابة).
• لديهم اهتمامات متعددة.
• ينقلون بسرعة من نشاط أو اهتمام إلى آخر.
• يستمتعون بتجربة الأشياء الجديدة والحديثة.
• يستمتعون بعمل أشياء كثيرة ومتعددة.

4/ مبدعين (بلا حدود):
الإبداع لديهم يعتبر من العلامات المميزة على موهبتهم. لذا تجدان هؤلاء يظهرون جوانب الابداع لديهم للآخرين مثل كثير من الكتاب أو الفنانين أو الرسامين وغيرهم من المبدعين.
وتتضح هذه الصفة من خلال التالي :

• لديهم أصدقاء خياليين.
• يستمتعون بالتمثيل والتقليد.
• يقضون وقتاً طويلاً من أوقات فراغهم في الرسم والكتابة والغناء والرقص.
• يضعون التفاصيل الدقيقة في أعمالهم الفنية.
• يصنعون أشكال وأشياء جميلة أو غير اعتيادية.
• منفتحين على الأفكار الغريبة والجديدة.
• لديهم أفكار كثيرة يشاركون بها غيرهم.
• يخترعون كلمات ومصطلحات جديدة.
• يقومون بالوصف الحركي وهم من خلال اليدين والوجه وهم يصفون أو يخبرون قصة أو ما حدث لهم اليوم.
• يسألون كثير من الأسئلة.
• يردون على الأسئلة باحتمالات متعددة للإجابة.
• يفكرون بطرق كثيرة وإبداعية لحل المشاكل.
• يضيفون تفاصيل جديدة على القصص أو الأفلام أو الألعاب أو تغير مجراها بصورة عجيبة ومثيرة تعطي بعداً أخر للحدث الحقيقي.
• يلتمسون الأعذار والحجج لتصرفاتهم من خلال نسج القصص العجيبة.
• يصنعون ألعاب ذهنية معقدة.

5/ الطاقات العالية (دائماً في الحركة):
هؤلاء الأشخاص يتميزون بالصفات التالية:

• دائماً في حركة حتى آخر لحظة من ليل أو نهار.
• يرفضون الهدوء والبطأ.
• في حاجة إلى إثارة مستمرة.
• كثيري الحركة إلا إذا أرادوا التركيز أو جذب انتباههم أمر ما.
• لا يريحوا أجسادهم ولا أدمغتهم.


ملاحظة: دائماً ما تربط هذه الخصلة بالاولاد دون البنات. وذلك بسبب ظهورها فيهم وبروزها لديهم. ولكن هناك من الفتيات الموهوبات ذوات الطاقة العالية أيضاً.

6 / شدة الاندماج والتركيز:
يعرف الموهوبين بشدة تركيزهم لذا تجد أنه من الصعوبة انتزاعهم من متعة التركيز. ولديهم مجموعة من الخصال المعروفة في هذا الجانب مثل:

• يندمجوا بشكل يفقدهم الشعور بالزمان والمكان.
• يضيعون في عالمهم لحد الغرق.
• يضعون أهداف محددة ويصلون إليها.
• يهتمون بجمع الغرائب والأشياء التي حولهم.
• يذهبون إلى حد بعيد في الأمور التي يندمجوا بها مثل حل المشكلات, أو البحث عن إجابات أسئلة مثيرة.
• يقومون بفك الأشياء إلى أصغر جزء ثم يحاولون إعادتها إن استطاعوا.
• يركزون في أكثر من نشاط في نفس الوقت.
• شديدي التدقيق والملاحظة ولا يفوتهم شيء.
• شديدي الإصرار "كأن هناك هاتف يقول لهم إذا لم تنجح في المحاولة فأعد الكرة مرات ومرات"
• إذا انغمسوا واندمجوا في شيء ينسون كل ما حولهم.
• يبقوا مركزين في شيء واحد حتى إذا اكتفوا تحولوا إلى شيء آخر لمعرفة المزيد عنه.

7/ منطقيين في تفكيرهم:
هؤلاء الأشخاص ينضرونك من أجل إثبات قضيتهم أو وجهة نظرهم لذا تجدهم:

• يستمتعون بالعد والوزن والقياس والتصنيف لما بين يديهم.
• يحبون قراءة الخرائط ومعرفة الوقت والألغاز.
• يحبون القطع التركيبية لإكمال الصور.
• لديهم فهم جيد للمال وكيفية استخدامه.
• يحبون الترتيب والنظام
• يفسر الأحداث بصورة منطقية معقولة.
• يدخل في مناقشات ومناظرات قوية.
• يحب تسير الأمور بالعدل.
• لابد من تفسير القوانين لهم ولماذا هي موضوعة وما الأسباب وراء وضعها. لكن لابد أن يتم ذلك بصورة منطقية ذهنياً.
• يفهمون العلاقة بين السبب والنتيجة.

8/ حساسون للمشاعر:
الحساسية للأمور التي تمر حولهم تأثر عليهم بصورة أكبر وأكثر من غيرهم. لذا تجدهم يتفاوتون في حالاتهم الهستيرية الضاحكة إلى سيل من الدموع. وهذه الصفة تسبب لهم الحرج لعدم فهم الناس لهم, لأن الناس يتقبلون ان يكون الطفل الموهوب ذوا مستوى عالي من الذكاء مثل البالغين ولكن صعب عليهم أن يتقبلوا أن احسايسهم ومشاعرهم كذلك مثل البالغين. وتتضح هذه الصفة من خلال الخصال التالية :

• التعاطف مع من حولهم بصورة تجعلهم قادرين على معرفة المعاناة التي هم فيها.
• اجتماعيين من سن مبكر.
• سريعي التواصل والتأثر بمشاعر الآخرين.
• لديهم وعي بالمشاكل التي لا يلاحظها الآخرون.
• يقلقون على شؤون العالمية والأمم الأخرى وبالتأثر البيئي.
• يستمتعون بالجمال ويستجيبون له.
• لهم فضول واحساس بمعنى الموت والحياة.
• لديهم تواصل شعوري بالحيوانات.
• سريعي الإثارة بالبكاء أو البهجة.
• يشاركون الآخرين بمشاعرهم من خلال الفن باشكاله المختلفة.

9/ حب المرح والدعابة:
بحكم أنهم أذكياء وفضوليين وأصحاب طاقة علية وحساسية مفرطة, لذا تجد الكثير منهم أصحاب روح مرحة وأصحاب دعابة حتى يستطيعوا أن يخففوا اثار هذه الحساسية بالخصال التالية

• حب الضحك.
• تركيب النكات والمقالب.
• سريعي الفهم للنكات.
• يضحك على الآخرين بأمور لا يستوعبوها بسرعة.
• يضحك بصورة هستيرية على نكاته هو.
• يضحك على التصرفات الغبية التي يقوم بها